ثمّة قول مأثور قديم للتّجار مفاده" أدخل مواقع البيع في مايو وابتعد"، وهو يخصّ الميول الموسمية التي تهيمن خلال أشهر فصل الصيف. وإذ تواصل المصارف المركزية تجاهل أسواق معدّلات الفائدة القريبة الأجل بهدف إبقاء السيولة وفيرة، هوت عائدات السندات وانهارت الفوارق، ونتيجة لذلك تبدّدت التذبذبات. وعلى ضوء أداء اليورو في الآونة الأخيرة، لربّما ينطبق مثل آخر هذا العام "أخلد الى النوم في مايو واشخر بعيدًا".
بعيدًا عن المبالغة، ينبغي أخذ بعين الإعتبار تواجد التذبذبات الكامنة اليورو دولار لشهر واحد عند 6.025% فقط، أي بالكاد فوق القاع السنوي القائم عند 4.953% الذي تمّ تسجيله في الثاني من مايو. إذًا وفي ظلّ ارتفاع التذبذبات، إلاّ أنّها لا تزال متدّنية بشكل استثنائي؛ ينبغي العودة الى صيف العام 2007 لمعرفة المرّة الأخيرة التي بلغت فيها مستويات تذبذبات اليورو/دولار الكامنة لشهر واحد مثل هذه المستويات المتدنّية للغاية. تأتي هذه التطوّرات بعكس تهديدات البنك المركزي الأوروبي ببدء تدابير التيسير غير المعيارية وغير المسبوقة في اجتماع يونيو.
يمكن القول إذًا إنّ تدنّي التذبذبات يعزى جزء منه على الأرجح الى انتظار التّجار الى حين معرفة ماذا سيفعل البنك المركزي الأوروبي. حتّى في ظلّ هبوط اليورو من ذروة 1.3993$ السنوية في الثامن من مايو، تشير وجهتي النظر المتواجدتين الى عدم تقدير اعتماد سياسة فضفاضة للغاية بشكل كامل. في هذا الصدد، يظهر مقياس كريدي سويس لمقايضات اللّيلة الواحدة أنّ فرص تقليص المعدّلات بمقدار 25 نقطة أساسية تبلغ 17.2% فقط.
وفي حين لا تبيّن أسواق المقايضات الميل الى تخفيض المعدّلات، يوفر مناخ الإقراض القريب الأجل أقوى محفز للبنك المركزي الأوروبي للتحرّك. فقد ارتفع معدّل EONIA الى 0.337%، أي فوق معدّل البنك المركزي الأوروبي المعياري القائم عند 0.25%؛ ويتواجد متوسّط العشرين يوم (الأربعة أسابيع) عند 0.2435 حاليًا. لهذه الأسباب، من الممكن أن يكون التّجار في صدد انتظار إشارات تظهر إمكانية استعداد البنك المركزي الأوروبي لجولة جديدة من عمليات إعادة التمويل البعيدة الأجل بغية دعم مناخ الإئتمان الضعيف.
على ضوء هذه المستجدّات، لا نزال نعتقد أن تهديدات اتّخاذ البنك المركزي خطوات ملحوظة سيبقى التهديد الأبرز الذي يبقي التّجار الذين يعوّلون على ارتفاع اليورو بعيدًا. يتواجد زخم البيانات الاقتصادية، بحسب مؤشر سيتي للمفاجآت الاقتصادية، عند أضعف نقطة له هذا العام (أقفل المؤشر عند -25.4 في 23 مايو- القاع السنوي يتواجد عند -28.3).
بناء عليه، وعلى صعيد اليورو، سنسعى الى بيع التسارعات الصعودية وتغطية الإنخفاضات المفرطة. لقد خيّب البنك المركزي الأوروبي ظنّ الأسواق في السابق، وإنّ أي افتقار الى تدابير قويّة سيدفع اليورو من جديد بإتّجاه الذروات السنوية. ولربّما الحدث الأبرز الذي تبلور هذا الأسبوع هو تهافت نجار التجزئة على دخول مواقع شراء اليورو/دولار للمرّة الأولى منذ العام 2013- حيث بلغ الزوج القاع واستهلّ اليورو تسارعه الصعودي مع نهاية العام.