EUR/USD: واجه اتّجاه اليورو الصعودي الذي بدأ منذ منتصف مارس عقبة رئيسية هذا الأسبوع بعد أن دفع قرار فائدة بنك الاحتياطي الفدرالي اليورو/دولار الى تسجيل ارتداد حادّ وألقى بثقله على أزواج اليورو الأخرى. ووسط أسبوع يفتقر الى حدّ بعيد الى البيانات الاقتصادية الهامّة، كان هذا الحدث الأجنبي هو الذي تمتّع بالتأثير الأكبر على العملة الموحّدة خلال الأيّام الخمسة الماضية.
إنّ اعتماد مجلس الاحتياطي الفدرالي موقف متفائل أكثر- الذي برز من خلال الهفوة التي تلفّظت بها رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين حيال إمكانية إقرار أوّل زيادة لمعدّلات الفائدة بعد ستّة أشهر على اختتام الجولة الثالثة من التيسير الكمّي بشكل نهائي- ساعد على إعادة موازنة مسار اليورو/دولار. منذ أسبوعين، أوضح البنك المركزي الأوروبي أنّه يعتزم البقاء على الحياد وسط عودة النمو الى الواجهة واستمرار توافر عوامل الأزمة.
في حال كان الإتّجاه الكامن السابق في السوق عبارة عن بنك مركزي أوروبي صبور وبنك احتياطي فدرالي قلق، لكان السيناريو تغيّر في الأسبوعين المنصرمين ودفعنا الى اعتماد آفاق أقلّ تفاؤلاً أزاء اليورو/دولار على وجه الخصوص وأزاء اليورو بشكل عام. عوضًا عن البقاء على الحياد، حذر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي من أنّ معدّلات صرف اليورو المرتفعة تلحق الضرر بالنمو وتعيقه. بالنسبة الى بنك الاحتياطي الفدرالي، من الواضح انّ ضعف البيانات الذي شاهدناه في الأسابيع القليلة الماضية ("الأحوال الجوّية") لم يكن كافيًا لبروز تحوّل حذر؛ فيمكن القول إنّ بنك الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي تبادلا الأدوار في الآونة الأخيرة.
من المحتمل أن يكون اليورو حساسًا على وجه الخصوص أزاء أي ارتداد مفاجىء بما أنّ اتّجاه المصارف المركزية كان على أهبّة الإستعداد لضعف اليورو/دولار خلال الأجل القريب. وكدائمًا، نظرًا الى حقيقة موقع البنك المركزي الأوروبي، سيكون تدهور البيانات الاقتصادية الأوروبية ضروريًا لإختبار اليورو موجة حادّة من الهبوط. في الأسبوع السابق، هوى التضخّم في منطقة اليورو الى قاع 0.7% المسجّل عقب أزمة العام 2008، وهو المستوى الذي قرّر المركزي الأوروبي عنده تقليص معدّل إعادة التمويل الرئيسي في نوفمبر 2013.
بدأت البيانات الاقتصادية التي تصدر عن ساحة منطقة اليورو تأتي مخيّبة للآمال بشكل عام، مع تراجع مؤشر سيتي غروب للمفاجآت الى +6.9 في 21 مارس، وهو القاع الشهري. وفي حين لا تزال تلك القراءة فوق القاع السنوي للمؤشر عند -0.8 الذي تمّ تسجيله في 26 فبراير، لا يزال الى حدّ بعيد دون الذروة السنوية المسجّلة في 28 يناير عند +30.3. يبدو زخم البيانات وكأنّه سيرزح تحت وطأة الضغوطات هذا الأسبوع وسط ترقّب صدور القراءات المتنوّعة لمؤشرات مدراء المشتريات لشهر مارس، في ظلّ تقدير تراجع مؤشر مدراء المشتريات المركّب في منطقة اليورو والتصنيعي الألماني والخدماتي من مستويات فبراير.
على صعيد التوترات التمويلية، لا تزال معدّلات الإقراض ما بين المصارف دون معدّل البنك المركزي الأوروبي المرجعيّ لليلة واحدة (0.25%)، ولكن بدأت تظهر بعض الدلائل على تواجد ضغوطات طفيفة. ومع تواجده عند 0.163% يوم الجمعة، كان متوسّط معدل EONIA لعشرين يوم يبلغ 0.169% مرتفعًا من 0.156% (22 فبراير) ومن 0.149% منذ ثلاثة أشهر (20 ديسمبر). ووسط استمرار عمليات إعادة التمويل البعيدة الأجل، إنّ أي تراجع أكبر في السيولة المفرطة بالتزامن مع ضعف البيانات الاقتصادية سيوفر الدعم لسيناريو تصاعد وتيرة التوترات المتعلّقة بالإقراض.
في حال تزايدت مخاوف السوق من البنك المركزي الأوروبي وسط اعتماد المضاربين في الوقت الراهن أكثر الآفاق صعودية بالنسبة الى اليورو منذ الأسبوع المنتهي في 29 أكتوبر 2013 (أظهرت بيانات التزامات التّجار الصادرة عن هيئة تداول العقود الآجلة والسلع ارتفاع مواقع شراء اليورو بنسبة 45.6% وصولاً الى 52991 عقد في الأسبوع المنتهي في 18 مارس 2014)، من المحتمل أن تكون عاصفة ضعف اليورو في صدد التبلور في الأيام والأسابيع القادمة.