على الرغم من انحسار تقدّمه نتيجة شحّ السيولة نفسه الذي قيّد اتّجاهات المخاطر، نجح الدولار الأميركي في تسجيل انتعاش واسع النطاق في الأسبوع السابق. مع ذلك، جاء الإقتناع الكامن وراء هذا التحرّك بالتزامن مع جرعة مفرطة من الشكوك. على غرار الإرتداد المثير للشكوك الذي اختبره أس أند بي 500، من الممكن أن يكون أداء العملة عبارة عن انعكاس للزخم الذي كان سائدًا في الفترة السابقة عوضًا عن تغيير ملموس في الإتّجاه. في حين لا تزال السوق تستند الى اقتناعاتها المحيطة بإتّجاهات المخاطر العامّة، من المحتمل أن تستقطب عودة السيولة الدولار على الفور.
على صعيد أسبوع التداول الجديد، الأمر الأوّل الذي يجب أخذه بعين الإعتبار هو أنّ أوضاع التداول في فترة الأعياد أثّرت على أسواق رؤوس الأموال وعلى الدولار. أقفلت الأسواق في الولايات المتّحدة وأوروبا وأستراليا وغيرها من المناطق يوم الجمعة والإثنين احتفالاً بعطلة عيد الفصح. عندما تكون شريحة كبيرة من النظام المالي العالمي غائبة، يكون من الصعب للغاية توليد اتّجاه. إنّ الفجوات في آلية انتقال مطاردة العائدات الكبرى أو عمليات البيع السريعة الناجمة عن الذعر تؤدّي الى إضعاف الزخم. هذا هو السبب على الأرجح الذي دفع الأسهم الى الإنتعاش في الأسابيع الماضية والدولار قام بالمثل.
في حال تدنّت فرص تطوّر اتّجاه ملحوظ- ولا سيّما اتّجاه معاكس- يرى التجار توافر أوضاع مثالية لإستغلال نهج التداول عينه الذي استخدموه في الأشهر ال16 السابقة: شراء الإنخفاضات القريبة الأجل وبيع الإرتفاعات خلال التذبذبات. مع ذلك، مقاربة التداول هذه وشحّ السيولة ينتهيان بشكل سريع. هذا يعني أنّه عندما تسترجع السوق قوّتها الكاملة، نعود مرّة أخرى الى تطوّر الإتّجاه المهمّ. في حال بدأت مقاييس المخاطر الهبوط يوم الثلاثاء وفي الأيام المتبقية من الأسبوع، يعتبر ذلك بمثابة دليل قوّي على بروز تحوّل منهجي في الأفق.
بعيدًا عن القدرة غير المفهومة للمناخ الخالي والمحفوف بالمخاطر، يملك تجار الدولار موجّه أكثر فعالية في توقعات معدّلات الفائدة. إنّ ارتداد عائدات سندات الخزانة (المستحقة في عامين وخمسة وعشرة أعوام) قد يكون ارتداد تحت نفس ذرائع السيولة التي تسلّحت بها الأسهم في الأسبوع السابق؛ بيد أنّ وهج ذلك سيدوم على الأرجح. علاوة على ذلك، كان هبوط العائدات الأخير مرجّحًا. في الواقع، يشيرالمزاد القوّي لبيع السندات المحميّة بواسطة التضخّم الذي أجري في الأسبوع الفائت وارتفاع معدّلات التعادل لعامين (وهي مقياس لتقديرات التضخّم) الى ترسّخ تلك التوقعات.
وللبحث عن محفزات ملموسة من شأنها ترسيخ- أو تقويض- توقعات المعدّلات الأميركية، الجدول الاقتصادي مفتقر الى البيانات. إنّ مؤشر الأنشطة الوطنيّة الصادر عن بنك الاحتياطي الفدرالي في ولاية شيكاغو ومؤشر مدراء المشتريات المركّب ماركيت هما من مقاييس العافية الاقتصادية. بالإضافة الى ذلك، لن تساهم بيانات المنازل وطلبات السلع المعمّرة في توفير المزيد من التفاصيل حول السياسة. مع ذلك، من الضروري للغاية رصد عن كثب المسارات العامّة التي يسلكها نظراء الدولار. فالبنك المركزي الأوروبي هدّد بتيسير السياسة بغية تقويض ارتفاع اليورو/دولار، تمّ تمديد توقعات بنك انجلترا وقد تضطرّ كلّ من الصين واليابان الى اعتماد حوافز جديدة في حال تدهورت الأوضاع الاقتصادية أكثر.
