أنهى الدولار الأميركي الأسبوع الفائت على تسارع صعودي قويّ دفع به من جديد الى مستويات التعادل. لقد تمّ اختبار مستوى رئيسي من الدعم الفنّي للأخضر- على صعيد مؤشر الدولار وبعض الأزواج كاليورو/دولار- وتماسك فعلاً. هذا وقد تبدّدت المخاوف المحيطة بمسار الدولار الهبوطي بفضل الإتّجاه الثابت لتوقعات معدّلات بنك الاحتياطي الفدرالي والوتيرة الأقوى نسبيًا للنمو. مع ذلك، عزّزت تلك العناصر الإستقرار. ومن أجل عودة العملة الى المسار الصعودي، نحن بحاجة الى محرّك محفز.. أو انهيار لنظرائه.
مع بداية أسبوع التداول الجديد، يتمثّل محرّك العملة المعيارية الأكثر قدرة بتوقعات معدّلات الفائدة. ما كان في الأشهر السابقة بمثابة محرّك رئيسي، شهد تغييرًا ملموسًا في قدرته التأثيرية في الأسبوعين المنصرمين. إنّ اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي الذي رسّخ الآفاق المتفائلة على الرغم من القراءة الضعيفة للغاية للناتج المحلي الإجمالي للفصل الأوّل والتقرير القويّ استثنائيًا للوظائف، أدّى الى توفير بعض الدعم للعائدات والدولار الأميركي.
ساهم الإنخفاض الأخير لعائدات سندات الخزانة المستحقّة في عامين- مقياس جيّد لتوقيت أوّل زيادة للمعدّلات من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي- في نضال العملة. مع ذلك، اتّبع تراجع العائدات مسار اعتدال أكثر من مسار انعكاس عامّ. في حال بقي المصرف المركزي متفائلاً أزاء النمو وخطّط لإنهاء برنامج التيسير الكمّي بحلول أكتوبر، فلا يبعد إذًا موعد البدء بالتشديد. لا تزال التوقعات تشير الى تطبيق أوّل زيادة منتصف العام 2015، ليصبح بنك الاحتياطي الفدرالي قائد هذا المسار ويسبق البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وبنك كندا ولربّما بنك الاحتياطي الأسترالي حتّى.
من الضروري الحفاظ على التفاؤل أزاء التوقعات الاقتصادية من أجل تقوية آفاق المعدّلات، بيد أنّ الزيادة ستكون واردة فقط عندما يأخذ التضخّم بالإرتفاع. ولو تنافس الدولار مع العملات من قبيل الجنيه الاسترليني والدولار الأسترالي، سيتطلّب تقدير أوّل زيادة في المعدّلات تنامي في ضغوطات الأسعار. في هذا الإطار، يعتبر التضخّم البند الأبرز المندرج على الجدول الاقتصادي الأميركي لهذا الأسبوع، إذ من المقرّر صدور قراءات الواردات وأسعار المنتجين والمستهلكين. ستتمتّع قراءة مؤشر أسعار المستهلكين المرتقبة يوم الخميس بتأثيرات ملحوظة على توقعات المعدّلات وسط ترجيحات بإرتفاع القراءة الرئيسية الى 2.0% على أساس سنوي- وهو هدف بنك الاحتياطي الفدرالي.
يتجسّد الجانب الآخر من تأثير السياسة النقدية "النسبية" في سوق الفوركس بإتّجاهات نظراء الدولار وتأثيراتها. هوى اليورو/دولار في النصف الثاني من الأسبوع الفائت بعد أن هدّد البنك المركزي الأوروبي بإعتماد جولة جديدة من التيسير (تخفيض المعدّلات أو حوافز جديدة). في هذا الصدد، إنّ ضعف نظير الدولار قد يكون أكثر فعالية من تقدّمه بحدّ ذاته. على هذا النحو، سنرصد عن كثب تقرير التضخّم الفصلي لبنك انجلترا وبيانات الناتج المحلي الإجمالي للفصل الأوّل في منطقة اليورو المرتقبة هذا الأسبوع.
في النهاية، من الضروري أخذ دائمًا بعين الإعتبار المسألة التي ناضلت لإكتساب الزخم ولكن التي تتمتّع بالقدرة التأثيرية الأكبر: اتّجاهات المخاطر. لقد أبدى المشاركون في السوق قلقًا متناميًا أزاء قيمة مستويات السوق الراهنة. في حال بدأت المخاوف بالإنتشار، وسط ترسّخ الأوضاع الكامنة والإفراط في التعرّض للأصول المحفوفة بالمخاطر من دون تحوّط ظاهر، سيحدث انفجار كبير في الأسواق المالية. إنّ أي تصاعد في وتيرة الخروج من المواقع والذعر سيؤدّي الى عودة رؤوس الأموال وتزايد الطلبات على الملاذات الآمنة التقليدية: الدولار وسندات الخزانة.