يتصدّر قرار فائدة البنك المركزي الأوروبي الجدول الاقتصادي خلال الساعات الأوروبية. وفي حين من المتوقّع بقاء نهج السياسة النقدية الراهن دون تغيير هذه المرّة، سيرصد التّجار عن كثب ويحلّلون التعليقات التي ستصدر على لسان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في المؤتمر الصحفي الذي سيعقده بعد الإعلان.
علاوة على ذلك، تباطأ معدّل النمو السنوي لمؤشر أسعار المستهلك بقيمته الأساسية وصولاً الى أدنى مستوى له تاريخيًا عند 0.7% في ديسمبر، الأمر الذي عزّز التحذيرات المحيطة بإحتمال انزلاق المنطقة داخل دوامة الإنكماش في حال لم يتّخذ المصرف المركزي أي خطوات جديدة.
لم تشهد توقعات التضخّم التي تعكسها عائدات السندات أي تغييرات مقارنة بما كانت عليه عندما عمد البنك المركزي الأوروبي بشكل مفاجىء الى تخفيض معدّلات الفائدة وصولاً الى 25 نقطة أساسية في نوفمبر. في هذا الإطار، اختبر متوسّط تقديرات الخبراء الاقتصاديين لمؤشر أسعار المستهلك لنهاية العام 2014 مراجعة هبوطية ملحوظة خلال الفترة عينها، لينخفض الى 1.2% من 1.5%.
يسلّط هذا الواقع الضوء على أنّ تخفيض المعدّلات من 50 الى 25 نقطة اساسية لا يعتبر بمثابة التيسير الذي كان من المفترض تطبيقه في وقت كان معدّل إقراض اليورو لليلة واحدة (EONIA) يناهز 8 نقاط أساسية فقط خلال الأشهر الإثني عشر السابقة.
تشير أرقام مؤشر مدراء المشتريات في منطقة الورو لشهر ديسمبر الى المأزق الذي يواجهه البنك المركزي الأوروبي: وفي حين يبدو النمو بالمجمل في صدد الإنتعاش، لا تزال اتّجاهات التقديرات قاتمة. بالإضافة الى ذلك، لا يزال الإنتعاش متفاوتًا بشكل مقلق بين مختلف الدول الأعضاء في منطقة اليورو، حيث تقود ألمانيا مسار الإنتعاش ووضع فرنسا الاقتصادي غير مطمئن.
يدلّ ذلك على أنّ سيناريو اعتناق سياسة تيسيرية أكثر هو الأمثل بيد أنّ آلية توليد الحوافز تحتاج الى اتّباع مسار غير تقليدي يستند الى المفارقة الإقليمية ويدفع السيولة مباشرة الى الاقتصاد الحقيقي.
بناء عليه، سيرصد المستثمرون عن كثب أي دلائل حول كيفية تخطيط البنك المركزي الأوروبي لتجاوز هذه المحنة. من المحتمل أن تبرز بعض الخيارات كتعديل مشروط لبرنامج عمليات إعادة التمويل البعيدة الأجل أو مساعي إقراض مباشرة شبيهة ببرنامج الإقراض التمويلي الذي يطبّقه بنك انجلترا. في هذا الصدد، إنّ أي ميل حذر يبرز في التعليقات ويبيّن إمكانية المزيد من التيسير سيلقي بثقله على اليورو، في حين ستوفر النتائج المعاكسة الدعم للعملة الموحّدة.
مع ذلك، من المرجّح أن تكون تلك المكاسب محدودة لأنّه حتّى في حال أبقى البنك المركزي الأوروبي سياسته ثابتة، سيبرز اختلاف متزايد في السياسة (وهو أمر سلبي بالنسبة الى اليورو) مع نهج "التقليص" الذي يتّبعه بنك الاحتياطي الفدرالي. على هذا النحو، نحافظ على مواقع بيع زوج اليورو/دولار.
في غضون ذلك، من المحنكل أن يمرّ إعلان السياسة النقدية لهذا الشهر لبنك انجلترا مرور الكرام مرّة أخرى. من المتوقّع أن يحافظ المصرف على سياسته الراهنة، ما يعني أنّه لن ينشر أي بيان يفسّر فيه موقفه. بشكل عام، المتغيّر الرئيسي الذي يجب مراقبته هو عتبة معدّل البطالة التي يستند إليها إطار عمل عنصر التوجيه المستقبلي. علاوة على ذلك، إنّ البيانات الاقتصادية البريطانية القويّة بشكل مفاجىء خلال الأشهر الأخيرة قد تدفع لجنة السايسة النقدية الى تخفيض المستوى المستهدف من 7 الى 6.5%، ما يدعم الإنتعاش عبر ترسيخ نظرية بقاء المعدّلات متدنّية لبعض الوقت أيضًا. على الرغم من ذلك، تتزامن خطوة مماثلة مع نشر تقرير التضخّم الفصلي المحدّث، ما يؤدّي الى توجّه الأنظار نحو فبراير.