أظهرت نتائج محضر اجتماع البنك المركزي الياباني في 13-14 شباط الماضي عن رفع جديد لبرنامج شراء الأصول بقيمة 10 تريليون ين ليستقر البرنامج عند 30 تريليون ين إلى جانب برنامج القروض الائتمانية بقيمة 35 تريليون ين.
بعد استمرار تراجع مستويات الطلب الخارجي و آثاره على الشركات اليابانية بشكل خاص و على اقتصاد اليابان بشكل عام الذي يعتمد على الصادرات و الإنفاق الداخلي أيضا و هو ما سنتناوله لاحقا.
في هذا الإطار ما زال البنك المركزي الياباني محافظا على سياسته النقدية فيما يخص أسعار الفائدة المتمركزة عند منطقة صفرية بين 0.00% و 0.10% لدعم النمو الاقتصادي، إضافة إلى ذلك و ضمن المفاجآت رفع البنك المركزي النسبة المستهدفة للتضخم إلى 1% .
هنا نشير أن البنك المركزي قد يريد بذلك تحقيق هدفين من خلال رفع برنامج الأصول و مستوى التضخم استجابة للضغوط السياسية من ناحية و استغلال تراجع الين أمام الدولار لأدنى مستوى في أحد عشر شهرا، مما يصب في صالح المصدرين في اليابان خلال هذه الفترة خصوصا بعد معاناتهم بشكل عميق من ارتفاع قيمة الين إلى جانب ضعف الطلب العالمي بشكل عام.
بالمقابل لا ننسى هنا أن نذكر أن اقتصاد اليابان حقق انكماشا خلال الربع الرابع بنسبة 0.2% بأعلى من التوقعات التي أشارت إلى انكماش بنسبة 0.1%، حيث لا نستطيع أن نضع هذه المعدلات بمعزل عن تصرف البنك المركزي الياباني حاليا نظرا لخطورة ما يمثله الانكماش التضخمي على اقتصاد اليابان المرتبط بتراجع الطلب العالمي و معدلات الإنفاق الداخلي المهمة بالنسبة لليابان و تشترك في هذه الصفة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
من ناحية أخرى رأى أعضاء البنك المركزي الياباني أن هذه الإجراءات ستشكل حائط صد في مواجهة أزمة الديون الأوروبية، ذلك بالتزامن مع ما يشهده الاقتصاد الأمريكي من تحسن خصوصا في نطاق مبيعات التجزئة التي حققت أعلى مستوى لها في خمسة أشهر مما يعد عاملا محفزا إلى جانب تسوية مشكلة السندات اليونانية مؤخرا.
في إطار آخر و على الرغم من بعض المعدلات الإيجابية لاقتصاد اليابان مؤخرا متمثلة في ارتفاع طلبات الآلات الصناعية إلا أنها لا تعبر بشكل رسمي على ارتفاع مستويات الطلب حيث أنها مجرد اجتهاد من قبل الشركات و ليس بالضرورة أن تكون معبرة بشكل كبير عن الطلب في حالة اليابان، ويصح أن نربط الحالة اليابانية في هذا الصدد بقرينتها الصين التي تواجه تحديات اقتصادية حقيقية هذه الفترة و تشهد تراجع في الإنتاجية و الصادرات إلى جانب أنها لجأت إلى تخفيف في السياسة النقدية من خلال خفض الاحتياطي النقدي لدى البنوك لتحفيز الإقراض.
أخيرا وسط كل هذه المعطيات عقب رئيس البنك المركزي الياباني شيراكاوا أنه لا يملك عصا سحرية لتحقيق حدود التضخم المستهدفة أو رفع معدلات النمو و الطلب، مشيرا أن تراجع الطلب العالمي هو السبب وراء الانكماش التضخمي الذي تعاني منه اليابان و أنه لا يستطيع علاج ذلك من خلال جهة واحدة ألا و هي البنك المركزي، على أمل أن يرفع برنامج شراء الأصول الإقبال على السندات الحكومية و استغلال أي فرصة سانحة لرفع مستوى التصدير في ظل صعود الدولار مقابل الين.