من توم أرنولد وعماد كريدي
بيروت (رويترز) - بينما يرتفع التضخم في لبنان بفعل زيادة معروض الليرة وشح الدولار، يبدو من المرجح أن يكون المستهلكون الذين يشعرون بالفعل بوطأة ارتفاع تكاليف المعيشة في ظل أزمة اقتصادية بصدد مزيد من الضغوط المالية.
يعتمد لبنان منذ فترة طويلة على تدفق مطرد من الدولارات من أبنائه في الخارج للمساعدة في تمويل نظامه المصرفي. لكن ذلك المورد آخذ في النضوب في ظل تداعي الثقة في النخب السياسية.
ويعاني الناس في ظل ارتفاع سنوي للتضخم يقدره الاقتصاديون بثلاثين بالمئة خلال الأزمة التي تفاقمت في أكتوبر تشرين الأول. وانهارت الليرة أمام الدولار الأمريكي في السوق الموازية بينما ضربت أزمة سيولة بمعولها.
تسبب ذلك في انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين ودفع البعض لسحب مبالغ بالليرة من البنوك، إذ حطمت قيود غير رسمية على حركة رؤوس الأموال الثقة في النظام المصرفي وحدت من إمكانية الحصول على الدولار.
أصبحت نفقات أرليت مطر (54 عاما)، وهي قابلة وأم لثلاثة، تقتصر على الأساسيات، إذ تستبعد الحلويات وتحد من مشتريات مثل المناشف الورقية ومستلزمات العناية الشخصية.
وقالت من أمام متجر في حي متوسط ببيروت "تكلفة المعيشة الآن مرتفعة.. عندما أتسوق الآن أقتصر على ما أحتاجه."
ورغم أن الليرة المربوطة بالدولار منذ 22 عاما هي العملة الرسمية، فإن الدولار شائع الاستخدام منذ فترة طويلة كبديل. ويقول بعض المستهلكين الذين كانوا يشترون بالدولار إنهم يستخدمون الليرة الآن.
وقالت خبيرة تجميل وأم لطفلين طلبت تعريفها فقط بلقب عائلتها بطرس "تعلم أن أهم شيء اليوم هو الطعام.. إنه ضروري للحياة، لذا يؤثر هذا على جميع الأسر اللبنانية."
وقلصت هي الأخرى نفقاتها على سلع مثل منتجات التنظيف.
ويعتمد اقتصاد لبنان على الواردات.
ويقدر هاني بحصلي رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات نسبة الارتفاع في التكاليف التي يدفعها أعضاء النقابة للموردين العالميين بحوالي أربعين بالمئة منذ أكتوبر تشرين الأول فيما يعود بشكل أساسي إلى انخفاض قيمة الليرة.
ويتسرب ارتفاع التكلفة إلى منافذ التجزئة.
وقال بحصلي "إنه أمر مروع... لم تعد هناك أي تسهيلات تجارية بالبنوك، لذا السيولة شحيحة. ليس لديك سوى ما في جيبك اليوم، لذا يصعب العمل بالنسبة لنا".
شكل لبنان أخيرا يوم الثلاثاء حكومة بقيادة رئيس الوزراء حسان دياب بعد ثلاثة أشهر من الشلل السياسي والاحتجاجات بالشوارع، لكن مازال من الضروري تسوية الأزمة واستمالة المستثمرين والمانحين الأجانب.
ورغم أنه ليس تحت وطأة تضخم جامح كالذي تعيشه فنزويلا والذي تعرضت له زيمبابوي قبل عشر سنوات، يحذر الاقتصاديون من أن لبنان عرضة لخطر الاقتراب بشكل أكبر من ذلك المصير في حالة عدم تسوية الأزمة.
وأعلن مصرف لبنان المركزي هذا الأسبوع طرح أوراق نقد طُبعت حديثا فئة خمسين ألف ليرة للتداول. وتضخم المعروض النقدي (ن1)، الذي يشمل النقد المتداول والودائع تحت الطلب بالليرة، 45 بالمئة في بداية يناير كانون الثاني مقارنة بنفس الفترة قبل عام.
وقال نافذ صاووك من أكسفورد إيكونوميكس إن غمر السوق بالليرة في ظل تقييد الدولار يهدد بتفاقم التضخم ومزيد من التراجع في قيمة الليرة بالسوق الموازية.
وقال "سيكون هناك مزيد من التضخم لا محالة.. لنفترض إخفاء الناس خمسين بالمئة وتداولهم خمسين بالمئة، فسيظل ذلك يضعف سعر الصرف وسيظل له أثر تضخمي."
(إعداد محمود سلامة للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)