من جنيفر هيلر
(رويترز) - بعد إنفاقه بسخاء على مدار السنوات الأخيرة لزيادة الحصة السوقية، صار تركيز قطاع النفط الصخري الأمريكي منصبا على صيانة السيولة، مما يجعله في وضع لا يحسد عليه أمام منتجي أوبك منخفضي التكلفة، مع شروع الاقتصاد العالمي في النهوض من جديد.
وقبل التراجع الناجم عن الجائحة، خفضت دول أوبك بقيادة السعودية إنتاجها سعيا لدعم الأسعار من أجل تمويل ميزانياتها شديدة الاعتماد على إيرادات النفط. واستفادت شركات إنتاج النفط الصخري من ذلك، ليرتفع الإنتاج الأمريكي إلى مستوى غير مسبوق عند 13 مليون برميل يوميا.
لكن المشاركين في نسخة هذا العام من أكبر مؤتمر في قطاع الطاقة جزموا بأنه حتى مع انتعاش سعر النفط إلى 60 دولارا للبرميل، فإن خروج النفط الصخري من كبوة جائحة كوفيد-19 لن يكون بقوة عودته من تراجع 2016.
في المقابل، تملك منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها، في إطار مجموعة أوبك+، سبعة ملايين برميل من طاقة إنتاج النفط اليومي غير المستغلة. ويؤهلهم ذلك لزيادة الإنتاج أسرع كثيرا من شركات النفط الصخري للمرة الأولى منذ سنوات.
كان القلق من استفادة شركات النفط الصخري من تخفيضات إنتاج أوبك قد أفضى إلى حرب إمدادات قصيرة في مارس آذار 2020. فقد أحجمت روسيا حينئذ عن المشاركة في تمديد اتفاق كان قائما قبل ثلاث سنوات لخفض الإنتاج، وردت السعودية بغمر السوق بالنفط، مما دفع أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي إلى التهاوي حتى -40 دولارا للبرميل.
وقال راؤول ليبلانك، المحلل لدى آي.إتش.إس ماركت، "لنكن واقعيين. مرت أوبك بوقت عصيب للغاية كي تتمكن من استيعاب لاعبي النفط الصخري الأمريكيين وقدرتهم على النمو عند أسعار منخفضة"، مضيفا أن محل النقاش الأساسي داخل أوبك هو أي سعر للنفط سيكون منخفضا بما فيه الكفاية دون إثارة رد فعل أمريكي كبير.
بددت الجائحة خُمس الطلب العالمي على الوقود، وأعلن العديد من شركات النفط الصخري الإفلاس، في حين رتبت أخرى عمليات اندماج للتخلص من أعباء الديون. ودفع إحباط المستثمرين أسهم قطاع الطاقة إلى التهاوي خلال 2020.
وفي الوقت الذي يبدي فيه المسؤولون التنفيذيون في قطاع النفط الصخري توجسهم من التعجيل بإعادة فتح الآبار، من المتوقع أن تخفف دول أوبك قيود المعروض خلال اجتماعها في وقت لاحق هذا الأسبوع، دون أن تشغل نفسها بمراقبة نشاط النفط الصخري.
وقال رايان لانس، الرئيس التنفيذي لكونوكو فيليبس، "أسوأ ما قد يقع أن يشرع منتجو الولايات المتحدة في الزيادة بسرعة فائقة".
تتوقع السوق أن تخفف أوبك تخفيضات الإنتاج، والتي كانت الأعمق على الإطلاق، بنحو 1.5 مليون برميل يوميا، مع توقف السعودية أكبر المنتجين في المنظمة عن خفضها الطوعي البالغ مليون برميل يوميا.
وعادة ما يشهد مؤتمر أسبوع سيرا (SE:1810) حديثا عن أوبك في مواجهة النفط الصخري باعتبارها مقابلة بين ندين، لكن سجال تكساس ضد الشرق الأوسط شبه مختف هذا العام. ولم تركز سوى جلسة نقاشية واحدة على النفط الصخري من جدول مدته خمسة أيام. ولم يتطرق الرئيس التنفيذي لإكسون أو شيفرون (NYSE:CVX) إلى ذكر النفط الصخري خلال حديثهما. وخفضت الشركتان كلتاهما الإنفاق في الحوض البرمي الأمريكي.
تجاوز سعر الخام يوم الثلاثاء 60 دولارا للبرميل، ارتفاعا من 44.63 دولار في بداية ديسمبر كانون الأول، وهو مستوى يكفي لدعم أرباح المنتجين الأمريكيين في ضوء التخفيضات الأخيرة في التكاليف.
وفيما مضى، كان ارتفاع الأسعار يغري شركات النفط الصخري لزيادة الإنتاج حتى بعد تعهدها بالتريث، وكان سعر 60 دولارا في وقت ما سيدفع الشركات لإعادة تشغيل منصات الحفر ومعدات التكسير سريعا. لكن ذلك لا يحدث حاليا.
وقال ليبلانك "لا يجدون ما يغريهم".
وتابع أن من المقرر أن ترفع الشركات الخاصة نشاط حقول النفط، لكن ذلك لا يكفي لرفع الإنتاج الأمريكي رفعا ذا بال، مضيفا أن الإنفاق الأمريكي سيظل على الأرجح عند نحو 60 مليار دولار، وهو نفس مستواه في 2020، إذ تعطي الشركات الأولوية لعوائد المساهمين.
وقالت الرئيسة التنفيذية لأوكسيدنتال بتروليوم فيكي هولاب "الهبوط الحاد للنشاط في الولايات المتحدة... والضغط القادم من مجتمع الاستثمار لاستهداف الانضباط بدلا من النمو يعني في نظري أن النفط الصخري لن يعود من جديد إلى سابق عهده في الولايات المتحدة".
(شاركت في التغطية ليلى كيرني ودفيكا كريشنا كومار; إعداد محمود سلامة للنشرة العربية; تحرير أحمد إلهامي)