ساهم الصراع في أوكرانيا في وصول خام برنت إلى أعلى مستوى في 14 عاما عند 139.13 دولار للبرميل في مارس- آذار الماضي مما أدى إلى زيادة عائدات المنتجين الرئيسيين.
بلغ متوسط سعر خام برنت هذا العام 104.34 دولار للبرميل مقارنة مع 66.63 دولار في عام 2021. وتُظهر البيانات الخاصة بالسعودية وروسيا ونيجيريا والعراق كيف لا يستفيد جميع المنتجين الكبار من ارتفاع أسعار النفط.
حققت أكبر دولة مصدرة للخام في العالم إيرادات نفطية بلغت 434.1 مليار ريال (115.5 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2022 بزيادة 74.5 بالمئة عن نفس الفترة من العام الماضي. وتتوقع المملكة تسجيل أول فائض مالي لها منذ ما يقرب من عقد في العام 2022.
قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن المكاسب النفطية المفاجئة يمكن أن تمول صندوق الاستثمارات العامة، الذي تعتمد عليه المملكة في خططها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط وقد ضاعف أصوله في نحو عامين بطرق من بينها بناء مدن ضخمة في الصحراء. وأضاف أن الأموال يمكن أن تذهب أيضا إلى الاحتياطي النقدي أو صندوق التنمية الوطني، الذي يشرف على صناديق التنمية الاقتصادية ويربطها ببعضها البعض.
تتوقع الحكومة تحقيق نمو اقتصادي 7.4 بالمئة هذا العام في حين يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ هذا النمو 7.6 بالمئة. فيما توقع صندوق النقد الدولي في أبريل - نيسان أن السعودية بحاجة إلى سعر نفط قدره 79.2 دولار للبرميل لوضع موازنة متوازنة.
-
نيجيريا
لا تستفيد نيجيريا من أسعار النفط المرتفعة، وفقا لجداول بيانات التحويلات الاتحادية الشهرية الصادرة عن شركة النفط الوطنية. ولم تحول الشركة أي أموال نقدية إلى الحساب الاتحادي في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2022، على الرغم من أن مبيعات النفط والغاز تجاوزت تلك التي كانت قبل الجائحة في عام 2020.
تنفق نيجيريا مبالغ ضخمة على استيراد البنزين وتخسر عائدات النفط الخام في هذه العملية. فهي تقوم بمبادلة 40 بالمئة من إنتاجها من النفط الخام مقابل البنزين ويُقدر أن ثلث واردات البنزين هذه تُهرب إلى الدول المجاورة.
علاوة على ذلك، تشتري نيجيريا نقدا شحنات فورية إضافية باهظة الثمن، ثم تقدم الحكومة بعد ذلك أيضا مدفوعات دعم للشركة الوطنية للنفط.
تعد تحويلات الشركة أكبر مساهم في خزائن الدولة. ووصلت مبيعات النفط والغاز في فبراير - شباط 2022 إلى 1.26 مليار دولار لكن الشركة لم تحول أي مبالغ مالية في مارس - آذار. وحققت نيجيريا في فبراير- شباط 2021 نحو 792 مليون دولار وحولت ما يزيد قليلا عن مئة مليون دولار.
قال وزير المالية إن الحكومة حددت في الموازنة إنتاج 1.8 مليون برميل يوميا في العام 2022، على الرغم من أن بيانات الشركة الوطنية للنفط أظهرت أن متوسط الإنتاج كان يبلغ 1.4 مليون برميل يوميا منذ يناير- كانون الأول 2021 مع تخصيص معظم عائداته بالفعل بعيدا عن خزائن الحكومة. وبحلول منتصف عام 2022، انخفض الإنتاج إلى ما بين مليون و1.2 مليون برميل يوميا.
-
العراق
زادت عائدات العراق، التي تعتمد بشكل أساسي على مبيعات النفط، بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط بعد حرب أوكرانيا لتجني عائدات قيمتها 33 مليار دولار في مارس - آذار وأبريل - نيسان ومايو - أيار 2022 مقارنة مع 17.25 مليار دولار فقط في نفس الفترة من العام 2021، وذلك وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة النفط.
لكن المكاسب المفاجئة لا تساعد اقتصاد البلاد المنهك لأن العراق ليس لديه إلى الآن حكومة للتصديق على الموازنة الاتحادية لعام 2022 بسبب تعرضه لجمود سياسي مرير بعد مرور أشهر على الانتخابات العامة التي جرت في أكتوبر- تشرين الأول.
قال أحمد موسى، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، إنه لا فائدة من مضاعفة عائدات النفط والبلد لا يستطيع إنفاق دينار واحد في ظل غياب حكومة دائمة وموازنة جديدة تصرف المخصصات المالية. وأضاف أنه لا يوجد ما يكفي من الأموال لشراء الكهرباء والغاز.
-
روسيا
زادت عائدات النفط والغاز في الموازنة الروسية في الفترة من يناير- كانون الثاني إلى أغسطس - آب بنسبة 43 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، مما أتاح للسلطات فرصة لزيادة الإنفاق العام بهدف الحد من تأثير العقوبات الغربية.
في الفترة من يناير- كانون الثاني إلى أغسطس - آب، بلغ إجمالي عائدات النفط والغاز في روسيا 7.3 تريليون روبل (121.7 مليار دولار)، أو 82 بالمئة من العائدات المتوقعة لعام 2022. لكن في يوليو- تموز وأغسطس - آب، تراجعت عائدات النفط والغاز على أساس سنوي.
فرض الغرب عقوبات اقتصادية ومالية غير مسبوقة على روسيا بسبب ما تسميه موسكو "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا بدأت في 24 فبراير- شباط، الماضي مما أدى فعليا إلى فصل الاقتصاد المعتمد على التصدير عن النظام المالي العالمي.
قال وزير المالية أنطون سيلوانوف في أواخر مايو- أيار إن روسيا بحاجة إلى "موارد ضخمة" من أجل عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وقدر قيمة الموازنة لتحفيز الاقتصاد عند ثمانية تريليونات روبل (133 مليار دولار) وعلى رأسها الإنفاق العسكري.
لا تكشف روسيا عن تكلفة عمليتها العسكرية في أوكرانيا، لكن إنفاقها الدفاعي الإجمالي ارتفع بنحو 40 بالمئة على أساس سنوي في الفترة من يناير- كانون الثاني إلى أبريل - نيسان إلى 1.7 تريليون روبل، وفقا لبيانات أولية من وزارة المالية.
تواجه روسيا الآن خطر انخفاض صادرات النفط إلى أوروبا بعد مجموعة العقوبات الأخيرة التي نصت على فرض حظر تدريجي على النفط الروسي بدلا من فرض حظر فوري عليه، الأمر الذي من شأنه أن يمنح موسكو بعض الوقت لإعادة تصدير الكميات إلى عملاء جدد في آسيا خلال الأشهر الستة المقبلة.
يمكن لروسيا استخدام العائدات الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط والغاز في زيادة الإعانات الاجتماعية، وهو ما بدأته بالفعل.