من نايجل هانت نافين ثوكرال
لندن/سنغافورة (رويترز) - تدفقت الحبوب من أوكرانيا بوتيرة قياسية يوم الاثنين في إطار مبادرة بقيادة الأمم المتحدة تهدف إلى تخفيف نقص الغذاء العالمي، على الرغم من تحذير روسيا من خطورة استمرار ذلك بعد انسحابها من اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود.
وقالت روسيا يوم الاثنين إن الاتفاق لم يعد قابلا للتنفيذ تقريبا، نظرا لاستحالة ضمان سلامة الشحن بعد انسحابها مطلع هذا الأسبوع في أعقاب ما قالت إنه هجوم كبير بطائرات مسيرة أوكرانية على أسطولها في شبه جزيرة القرم.
لكن مشاركين آخرين استمروا في تنفيذ الاتفاق، وقالت فرنسا إنها تجري محادثات مع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي حول كيفية تعزيز صادرات الحبوب الأوكرانية عبر طرق برية.
وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا، وهي واحدة من أكبر مصدري الحبوب في العالم، إلى إغلاق موانئها البحرية في فبراير شباط، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وساهم في زيادة معدلات الجوع بشكل حاد على مستوى العالم.
وفتح الاتفاق، الذي تم إبرامه في 22 يوليو تموز، ممرا آمنا للسماح باستئناف الصادرات من ثلاثة موانئ أوكرانية، وساعد في تخفيف الأزمة بتصدير أكثر من 9.5 مليون طن من الذرة والقمح ومنتجات دوار الشمس والشعير وبذور اللفت وفول الصويا.
وقال متحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا إنه تم نقل كميات قياسية بلغت 354 ألفا و500 طن من المنتجات الزراعية على متن سفن غادرت الموانئ الأوكرانية يوم الاثنين في إطار اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود.
وكتب أمير عبد الله، مسؤول الأمم المتحدة المعني بتنسيق البرنامج، على تويتر "لا يمكن أبدا أن تكون سفن الشحن المدنية هدفا عسكريا أو محتجزة رهينة. يجب أن يستمر تدفق الطعام".
لكن روسيا شككت في مستقبل الاتفاق.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين "في ظروف تتحدث فيها روسيا عن استحالة ضمان سلامة الشحن في هذه لمناطق فإن تطبيق مثل هذا الاتفاق يصبح ممكنا بالكاد، ويأخذ منحى آخر ليكون أكثر مجازفة وخطورة وغير مضمون".
وقالت شركة أسكوت للتأمين التابعة لمجموعة لويدز أوف لندن يوم الاثنين إنها أوقفت إصدار وثائق التأمين للشحنات الجديدة باستخدام ممر الحبوب الأوكرانية.
وقال كريس ماكجيل رئيس قسم الشحن بشركة أسكوت لرويترز "من اليوم نتوقف مؤقتا عن إصدار الوثائق لشحنات جديدة حتى نفهم الموقف بشكل أفضل ... (وثائق) التأمين التي صدرت بالفعل لا تزال قائمة".
* دعم من تركيا
ظلت تركيا ملتزمة بدورها في الاتفاق الذي شاركت في التوسط لإبرامه، إذ يتم فحص الشحنات في مركز تنسيق مشترك في إسطنبول.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة "حتى لو تصرفت روسيا بسلوك يتسم بالتردد لأنها لم تحصل على نفس الفوائد، فسوف نواصل جهودنا بحسم لخدمة الإنسانية".
وارتفعت أسعار القمح يوم الاثنين، حيث قفزت نحو 6 بالمئة إلى 8.79 دولار للبوشل في شيكاجو، لكنه ظل أقل بكثير من أعلى سعر له، وهو 13.63 ونصف دولار، الذي سجله في أوائل مارس آذار بعد وقت قصير من بدء الصراع.
وساعدت الوتيرة القوية لصادرات القمح من روسيا، التي حصدت محصولا قياسيا هذا الصيف، في تعزيز الإمدادات في السوق العالمية.
وقالت شركة سوفكون للاستشارات الزراعية يوم الاثنين في تقديرات إن روسيا ستُصّدر 4.5 مليون طن من القمح في أكتوبر تشرين الأول، ارتفاعا من 2.8 مليون في نفس الشهر من العام الماضي.
وارتفعت أسعار الذرة بأكثر من اثنين بالمئة إلى 6.95 دولار للبوشل في شيكاجو يوم الاثنين، بينما ارتفعت أسعار زيت الصويا ثلاثة بالمئة إلى 74.1 سنتا لكل رطل.
* الشحنات في خطر
حذر تجار من أن مئات آلاف أطنان القمح المحجوزة لتسليمها إلى أفريقيا والشرق الأوسط قد تكون الآن في خطر.
وقال تاجر حبوب مقره سنغافورة يورد القمح للمشترين في آسيا والشرق الأوسط "إذا اضطررت لاستبدال سفينة كان من المقرر أن تأتي من أوكرانيا، فما هي الخيارات؟ ليست كثيرة حقا".
ومن بين المشترين الآسيويين الذين يحجزون شحنات القمح الأوكراني إندونيسيا، ثاني أكبر مستورد للحبوب في العالم، على الرغم من أن المنطقة تعتمد عادة على أستراليا وأمريكا الشمالية.
وقال تجار إنه في أحدث الصفقات، اشترت شركات المطاحن الإندونيسية أربع شحنات، أو نحو 200 ألف طن من القمح الأوكراني، لشحنها في نوفمبر تشرين الثاني في صفقات تم توقيعها خلال الأسابيع القليلة الماضية. ومن المحتمل أيضا أن تعاني بعض مصانع الأعلاف الفيتنامية التي اشترت القمح الأوكراني.
وتمثل أوكرانيا مصدرا رئيسيا للذرة وهناك مخاوف من أن تتعطل الشحنات إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال أحد تجار الحبوب "بالنسبة لأوروبا، تمثل الذرة مشكلة أكبر من القمح، نظرا لاقتراب موسم الذروة بالنسبة للذرة الأوكرانية في نوفمبر تشرين الثاني".
وحذر المحللون من أنه على الرغم من أن أسعار السلع الزراعية العالمية قد تراجعت عن المستويات المرتفعة القياسية في الأشهر الأخيرة، إلا أن أسعار المواد الغذائية بالتجزئة على المستويات المحلية لا تزال مرتفعة ويمكن أن تشهد الآن مزيدا من الارتفاع.
(إعداد أميرة زهران للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)