من أيدن لويس وسارة مكفارلان وفاليري فولكوفيتشي
(رويترز) - قال مسؤولون حكوميون إن الدول المنتجة للوقود الأحفوري استفادت من المعاملة الودية في مصر خلال محادثات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27) لتحقيق ما كانوا يصبون إليه في المفاوضات النهائية التي جرت على عجل وإحباط من كانوا يأملون في نتيجة أكثر طموحا.
وقال مسؤولون إن مصر، وهي دولة مصدرة للغاز وتتلقى بشكل متكرر أموالا من دول خليجية منتجة للنفط، مسؤولة عن جزء من الأمر لكن الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة الأوروبية المترتبة عليها كان لها تأثير أيضا.
ويقول مسؤولون مصريون إن الأولوية بالنسبة لهم كانت توفير الأجواء الملائمة للمفاوضات والعمل كوسيط محايد. ونفت الرئاسة المصرية للقمة أن تكون الدول المنتجة للوقود الأحفوري تلقت معاملة من منطلق التعاطف.
وقالت في بيان إن القرار النهائي في كوب27 شمل المدخلات التي تم التوصل إليها بتوافق آراء جميع أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الذين تم التشاور معهم جميعا، في إشارة إلى ما يقرب من 200 دولة شاركت في القمة.
وقل هذا العام تأثير مطالب الجماعات المعنية بحماية البيئة والعلماء بأن تتخلى الحكومات والشركات عن استخراج النفط والغاز، نظرا لتسارع الدول الأوروبية لإيجاد بديل للغاز الروسي.
وأسفرت قمة كوب 27 عن نتائج متباينة حيث رحبت الدول الأكثر تعرضا لتبعات تغير المناخ باتفاق كان بعيد المنال على إنشاء صندوق يخصص لتمويلها، لكن النص الأساسي الذي يلخص النتائج الرئيسية عن القمة قال عنه بعض المسؤولين إنه يفتقر للطموح بسبب تأثير الدول المنتجة للوقود الأحفوري.
وقال إسبن بارث إيده الوزير النرويجي للمناخ والبيئة "القرارات الأساسية من القمة وبرنامج العمل على تخفيف التأثيرات لا يعبرا بالكامل عن الطبيعة الملحة لأزمة المناخ وإذعان أكثر من اللازم بالفعل للقوى المعتمدة أكثر على الوقود الأحفوري وذات النظرة الرجعية".
وأضاف أن بعض الدول التي كانت تدفع بكل قوتها لتأسيس الصندوق الجديد للخسائر والأضرار حاولت بالتزامن مع ذلك إضعاف صياغة الأجزاء المتعلقة بالتخلي عن الوقود الأحفوري.
* الطاقة قليلة الانبعاثات
جاءت اتفاقات كوب27 متسقة مع ما أسفرت عنه قمة جلاسجو العام الماضي وهو تسريع وتيرة "الجهود نحو تقليل الاعتماد على الفحم في توليد الطاقة والتخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري" بدلا من تعزيز مساعي التخلي التام عن الوقود الأحفوري كما كانت تطالب بعض الدول.
كما تضمن اتفاق العام الحالي إشارة جديدة إلى "الطاقة قليلة الانبعاثات والمتجددة". وقالت الرئاسة المصرية للقمة إن الصياغة تعكس جزئيا مفهوم التحول العادل الذي تبنته كل الأطراف والذي يشمل استخدام الهيدروجين والطاقة النووية لتقليل الانبعاثات الضارة.
واعترف سامح شكري، وزير الخارجية المصري الذي ترأس قمة كوب27، بوجود أوجه محبطة في بعض المجالات لكنه قال للصحفيين بعد الاتفاق إن طرفا واحدا لا يمكنه تحقيق كل الطموحات وإن ذلك لا يقلل من قيمة ما تم التوصل له.
بالنسبة للبعض، قدمت الرئاسة المصرية للقمة اتفاقا مرضيا من خلال إبرام اتفاق تأسيس صندوق الخسائر والأضرار. وقاومت الدول الأكثر مسؤولية عن الانبعاثات الضارة مثل الولايات المتحدة ودول أوروبية الفكرة لسنوات إذ تخشى من اتساع نطاق المسؤوليات.
وقالت سلاماويت وبيت مستشارة مجموعة من الدول الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ إن صندوق الخسائر والأضرار كان "الأمر الوحيد الذي أردناه بشدة لفترة طويلة من الزمن والتوصل لحل لذلك في كوب التي استضافتها دولة نامية إنجاز عظيم في حد ذاته ويظهر قوتهم الدبلوماسية".
لكن نشطاء المناخ وبعض الوفود قالت إنه لم يتم إحراز تقدم يذكر في أغلب باقي القضايا وأكدوا على أن الصياغة حددتها دول منتجة للوقود الأحفوري لعبت دورا علنيا وبارزا أكثر في شرم الشيخ عن القمم المناخية السابقة.
* تحول صعب
قال منير أكرم سفير باكستان لدى الأمم المتحدة عن تأثير حرب أوكرانيا "أصبح الآن من الواضح للغاية أن التحول عن الوقود الأحفوري سيكون صعبا".
قال مسؤولون إن في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة من القمة، عقدت رئاسة كوب27 اجتماعا تضمن دعوات من مفاوضين من دول ومجموعات منها سويسرا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية ودول جزيرية صغيرة لمصر بإدراج صياغة في الاتفاق كانت الهند قد اقترحتها في البداية للتخلي تدريجيا عن كل الوقود الأحفوري لكن لم يتم الالتفات إليها. وأضافوا أن 80 دولة على الأقل دعمت مثل تلك الصياغة.
وعبر بعض المفاوضين عن قلقهم من أن مصر دفعت مقترحها دون تشاور شامل مع اتخاذ الدول الأكثر إنتاجا للانبعاثات الضارة موقفا ضد وجود أهداف أكثر طموحا للحد من استخدام الوقود الأحفوري.
وقالت الرئاسة المصرية للقمة لرويترز إن العملية حظيت بإشادة من كل الأطراف بأنها مركزة ومحكمة وإن مسألة التخلي التدريجي عن كل أنواع الوقود الأحفوري لم توافق عليها الكثير من الدول.
* محادثات طوال الليل
قبل الجلسة العامة الختامية التي شهدت التوصل للاتفاق بعد الخامسة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي، شاهد صحفيون من رويترز بعض الوفود وهي متفاجئة بإعلان الرئاسة المصرية للقمة في اللحظة الأخيرة عن عقد الجلسة. واضطر بعض الحراس لإيقاظ بعض الوفود التي نام أفرادها على أرائك وكراس خارج قاعة الجلسة بعد الثالثة صباحا وأن يبلغوهم بالدخول.
وقالت أميناث شاونا وزيرة المناخ في جزر المالديف "الأمر كان مستعجلا للغاية قرب النهاية... الإجراء الاعتيادي هو المزيد من المشاورات وحوار مفتوح بشأن تلك الأمور".
ووافق الاتحاد الأوروبي، الذي هدد بالانسحاب، على مضض لإنقاذ اتفاق الخسائر والأضرار.
وستستمر مصر في تولي رئاسة كوب لحين تسليمها للإمارات، حليفتها والدولة المنتجة الكبرى للهيدروكربونات، بعد ما يقل عن عام.
وقال محمد أدو مؤسس (باور شيفت أفريكا) وهي مؤسسة بحثية "ربما يبدو عقد مؤتمرات المناخ في دول نفطية غير مجد لكن في الحقيقة لا يمكننا تجاهل تلك الدول. يحتاجون للمشاركة في العملية ووضع ضغوط عليهم بصفتهم دول مستضيفة للقمة ربما يقدم مكاسب أكبر".
(إعداد سلمى نجم لنشرة العربية - تحرير حسن عمار)