Investing.com - تراجعت صادرت مصر من الغاز الطبيعي بشكل قياسي خلال الأشهر القليلة الماضية وذلك بفعل تراجع إنتاج مصر من الغاز من ناحية، وانخفاض وارداتها من نفس السلعة من ناحية أخرى.
في الوقت الذي كانت تتطلع مصر إلى إحياء خزينتها بعد أشهر من المعاناة في فصل الصيف بسبب توقف صادرات الغاز المسال التي تعتمد عليها لتشغيل محطات الكهرباء، جاءت حرب غزة، مما أضافت مزيدًا من التحديات أمام الحكومة.
اقرأ أيضًا: الأسواق تترقب تعليقات رئيس الفيدرالي وليس قرار الفائدة.. فهل يكرر باول أخطاءه؟
وأعلن مجلس الوزراء المصري، يوم الأحد، أن واردات البلاد من الغاز قد انخفضت إلى الصفر، بعد أن كانت تبلغ 800 مليون قدم مكعبة يومياً.
يأتي ذلك بعدما أوقفت إسرائيل صادراتها من الغاز إلى مصر، وهو الأمر الذي انعكس على قطاع الكهرباء في مصر بشكل سلبي، بجانب قطاع الأسمدة أيضًا.
بعد اندلاع النزاع في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، تضررت صادرات الغاز إلى مصر من إسرائيل بشدة. حيث أخذت تل أبيب قرارًا بإغلاق حقل تمار، الأمر الذي أدى إلى تقليص الواردات المصرية من الغاز الإسرائيلي بنحو 150 مليون قدم مكعبة يوميًا آنذاك.
وتعتمد مصر على واردات الغاز الإسرائيلي لتلبية جانب من الطلب المحلي، وكذلك لإعادة التصدير.
اقرأ أيضًا: البيتكوين تجذب المستثمرين من جديد.. تحولات غير متوقعة بالسوق
تراجع قياسي لصادرات الغاز الطبيعي
تراجعت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال بنسبة 97.7% خلال شهر أغسطس الماضي، حيث بلغت 5.39 مليون دولار، مقابل 243.19 مليون دولار في نفس الشهر من العام السابق، وفقًا للتقرير الشهري لبيانات التجارة الخارجية الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس.
وتراجعت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال خلال الثمانية أشهر الأولى من 2023 بنسبة 61%، لتسجل 2.293 مليار دولار، مقابل 5.896 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق.
وأظهرت البيانات أيضا ارتفاع قيمة واردات مصر من الغاز الطبيعي بنسبة 52.8% خلال أغسطس 2023، لتصل إلى 175.5 مليون دولار، مقارنة بـ 114.9 مليون دولار في نفس الفترة من العام السابق.
في المقابل، ارتفعت قيمة واردات مصر من الغاز الطبيعي خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري، بنسبة 41.4% لتسجل 1.669 مليار دولار، مقارنة بـ 1.180 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.
اقرأ أيضًا: الذهب يبدأ نوفمبر متراجعًا ويبتعد عن 2000 دولار .. ما الذي يحرك الأسعار؟
قطاعي الأسمدة والكهرباء.. أزمة الغاز
قامت الحكومة المصرية بتخفيض إمدادات الغاز الطبيعي لشركات الأسمدة العاملة في البلاد بنسبة تقدر بحوالي 30% اعتبارًا من يوم الجمعة الماضي، حيث تم إبلاغ هذه الشركات بذلك من خلال خطابات رسمية، وفقًا لمصادر حكومية تحدثت مع صحيفة "الشرق".
يأتي هذا التخفيض في إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة في الوقت الذي أعلن فيه مجلس الوزراء المصري يوم الأحد الماضي عن انخفاض صادرات الغاز إلى مصر من 800 مليون قدم مكعب يومياً منذ يوليو الماضي إلى صفر حالياً.
بيد أن تداعيات انخفاض صادرات الغاز إلى مصر إلى الصفر لم تقف عند قطاع الأسمدة، بل امتدت إلى قطاع الكهرباء أيضًا. حيث أفادت تقارير صحفية مصرية بأن فترات انقطاع التيار الكهربائي قد زادت إلى ساعتين يوميًا أو أكثر في بعض المناطق، بدلاً من ساعة واحدة كما كانت في السابق. يأتي هذا في إطار الأزمة المستمرة منذ بداية فصل الصيف، حيث ارتفع استهلاك الطاقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما تسبب في نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. ويعزى هذا النقص إلى التحديات التي تواجه مصر في مجال نقص العملة الأجنبية.
ولكن أفادت صحيفة الطاقة الإخبارية بأن انقطاعات الكهرباء في مصر قد تتضاعف إلى 4 ساعات بدلاً من ساعتين بعد وقف إسرائيل تصدير الغاز إلى القاهرة بشكل كامل.
وأضافت المصادر التي تحدثت إلى الصحيفة بأن مضاعفة الساعات "بدأ من ليلة الأحد ولا نعلم الخطوة القادمة".
وأوضحت المصادر أن استمرار الحرب الحالية أكثر من ذلك، وشح صادرات الغاز إلى مصر من الجانب الإسرائيلي، من شأنهما أن يدفعان مصر إلى زيادة عدد ساعات انقطاع الكهرباء، وهو ما حدث بالفعل.
والجدير بالذكر أن قطاع توليد الكهرباء يعتبر الأكثر استهلاكاً للغاز في مصر، حيث تبلغ نسبة الاستهلاك أكثر من 58%، وفقًا للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس).
ورغم تراجع النسبة في العام الماضي، إلا أن الغاز لا يزال المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء في مصر بنسبة تجاوزت 79%، ولكن هذه النسبة أقل من العام السابق التي كانت 82.9%.
من ناحية أخرى، شهدت حصة النفط في توليد الكهرباء زيادة خلال العام الماضي، وذلك نتيجة تنفيذ مصر لخطة للحد من استهلاك الغاز، بهدف زيادة الصادرات واستخدام المازوت كبديل في توليد الكهرباء، ولكن تم تعليق هذا الاستخدام في وقت لاحق بسبب ارتفاع سعره.
اقرأ أيضًا: سهم وحيد ندم وارن بافيت على عدم الاستثمار فيه مبكرًا!
أزمة بالدولار
من المتوقع أن ينتج عن أزمة الغاز التي تمر بها مصر إلى انخفاض صادراتها من الغاز إلى أوروبا ومن ثم تراجع الحصيلة الدولارية. حيث قال محللي مجموعة جولدمان ساكس (NYSE:GS) بقيادة سامانثا دارت في وقت سابق من هذا الشهر تعليقًا على انخفاض واردات مصر من الغاز بعد إغلاق حقل تمار أن «هذا بدوره يمكن أن يحد من الانتعاش المعلن مؤخرًا في صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال».
بتصاعد الصراع وإمكانية توقف إنتاج حقل ليفياثان، يعتقد محللو شركة الأبحاث ريستاد إنرجي أن ذلك سيكون له تأثير كبير على دول المنطقة، ولاسيما مصر التي ارتفعت وارداتها مؤخراً إلى مستويات تفوق مرتين الكميات المتفق عليها مع إسرائيل، مما يهدد خطط التصدير لعدة أشهر على الأقل.
ففي عام 2022، تم تصدير 4.9 مليار متر مكعب من الغاز من حقل ليفياثان إلى مصر. ولكن في النصف الأول من عام 2023 فقط، بلغت الصادرات 3.1 مليار متر مكعب، وفقًا لتقديرات ريستاد إنرجي.
وأشار ليو كابوش، المحلل في شركة إنرجي إسبكتس، إلى أن الأمر الرئيسي المجهول هو مدى فترة التوقف. وأضاف أن الغاز الإسرائيلي يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان توفر الغاز في مصر نظرًا لتراجع الإنتاج المحلي.