Investing.com - بحسب جون هاردي، المحلل لدى ساكسو بنك، فإن النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية اعتمد على ضمانة أمنية من الولايات المتحدة لحماية التجارة العالمية، بالإضافة إلى استخدام الدولار الأمريكي كعملة رئيسية للمعاملات ومخزن للقيمة. وحتى بعد أن أنهى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ارتباط الدولار بالذهب عام 1971، استمر الدولار في فرض هيمنته على الاقتصاد العالمي المعولم.
نقطة تحول
يقول هاردي إن الانتخابات الأمريكية لعام 2016 وصعود الرئيس دونالد ترامب شكّلا نقطة تحول، حيث كان ترامب أول رئيس في الذاكرة الحديثة يهاجم أسس النظام العالمي. فقد دعا إلى فرض تعريفات جمركية على الواردات لتصحيح العجز التجاري الأمريكي الكبير، كما انتقد تكاليف الحفاظ على أمن حلفاؤه. هذا النهج صدم أصدقاء أمريكا وكان بمثابة إنذار للصين.
أضاف محلل ساكسو بنك: "أن الجائحة والانتخابات اللاحقة التي أتت بالرئيس جو بايدن أعادت الاعتقاد بأن عهد ترامب كان مجرد استثناء وليس قاعدة جديدة. ثم جاءت انتخابات 2024 التي شهدت عودة ترامب إلى الرئاسة". ويرى هاردي أن فترة ترامب الأولى كانت بمثابة مقدمة لتقويض العولمة، أما فترة ترامب الثانية فستكون الحدث الرئيسي بكل ما تحمله من تداعيات سلبية على الدولار الأمريكي.
إعادة تشكيل العلاقات الأمريكية
ويضيف هاردي أنه بحلول عام 2025، ستقوم إدارة ترامب الجديدة بإعادة تشكيل العلاقة الأمريكية مع العالم، عبر فرض تعريفات جمركية ضخمة على جميع الواردات، وخفض العجز بمساعدة وزارة كفاءة الحكومة التي يديرها إيلون ماسك.
أشار المحلل إلى أن هذه السياسات ستؤثر بشكل كبير على الدولار الأمريكي، حيث ستؤدي إلى تقليص المعروض العالمي من الدولارات، وهو ما قد يتسبب في ارتفاع مفاجئ وقوي في قيمة الدولار.
ومع ذلك، يشير هاردي إلى أن الفاعلين الماليين العالميين سيبحثون عن بدائل، حيث ستبدأ الصين ومجموعة بريكس+ في استخدام عملات رقمية مدعومة بالذهب، إلى جانب اليوان الخارجي المدعوم بالذهب. وفي أوروبا، سيزداد الاعتماد على اليورو في التجارة، بينما ستضيف العملات المستقرة المرتبطة بالذهب ديناميكية جديدة إلى الأسواق المالية العالمية. وهو الأسباب التي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة القادمة.
تهديدات ترامب
منذ أيام هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول مجموعة بريكس إذا قوّضت الدولار الأميركي. وكتب ترامب على منصّته "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي متحدثا عن المجموعة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا ودولا أخرى: "نطلب التزاما... أنها لن تنشئ عملة لدول بريكس، ولن تدعم أي عملة أخرى لتحل مكان الدولار الأميركي العظيم، وإلا ستواجه رسوما جمركية بنسبة 100%".
ويأتي هذا البيان بعد قمة بريكس التي عقدت الشهر الماضي في قازان الروسية، حيث ناقشت الدول الأعضاء تعزيز المعاملات بعملات غير الدولار وتعزيز العملات المحلية.
وتوسّعت مجموعة بريكس منذ إنشائها في العام 2009، وتضم الآن دولا مثل إيران ومصر والإمارات. ويمثّل تحالف بريكس أقلية كبيرة من الناتج الاقتصادي العالمي.
التأثير المحتمل على السوق
وفقاً لهاردي، فإن سوق العملات المشفرة قد يتضاعف أربع مرات ليصل إلى أكثر من 10 تريليونات دولار، في حين قد ينخفض الدولار الأمريكي بنسبة 20% مقابل العملات الرئيسية و30% مقابل الذهب. بينما سيستمر الاقتصاد الأمريكي في التوسع، مع مواكبة الأجور لتضخم السلع، نتيجة إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة. وأخيراً، فإن المصدرين الأمريكيين قد يجدون أنفسهم في وضع مميز نتيجة لهذه التحولات.