من نضال المغربي
غزة (رويترز) - عندما سئل روبرت تيرنر مدير جهود الأمم المتحدة للإغاثة في قطاع غزة عن أسوأ وقت مر به في عمله الذي استمر ثلاث سنوات لم تكن لديه إجابة سريعة وسهلة.
قال الدبلوماسي الكندي لرويترز وهو يستعد لمغادرة القطاع الذي يتلقى ثلثا سكانه البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة مساعدات بشكل أو آخر "أسوأ يوم؟ .. من الصعب تحديد أسوأ يوم". وأضاف "هناك الكثير (من الأوقات) - أغلبها خلال حرب الصيف الماضي."
شهدت فترة عمل تيرنر البالغ من العمر 51 عاما في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في قطاع غزة الذي تديره حماس حربين -الأولى استمرت ثمانية أيام في 2013 والأخرى استمرت سبعة أسابيع في يوليو تموز وأغسطس آب الماضيين وهي حرب مدمرة شردت عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
لكن تيرنر الذي روى تجاربه في غزة في مقابلة مع رويترز تحدث بلهجة تفاؤل نادرة قائلا إن عملية إعادة بناء المنازل التي تأخرت طويلا بسبب القيود المفروضة في المعابر مع إسرائيل ومصر وبسبب التناحر السياسي بين الفلسطينيين يمكن أن تبدأ الأسبوع المقبل.
وأضاف "أخيرا أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبوع الماضي حل المسائل الفنية المتصلة بإعادة الإعمار الشامل."
وأضاف "سنبدأ في منح الناس أموالا الأسبوع المقبل وسيتاح لهم الحصول على مواد البناء وبإمكانهم البدء (في إعادة البناء) فورا."
على الأرض لا تزال بعض الأحياء في غزة أنقاضا خاصة حي الشجاعية أحد أكثر الأحياء تأثرا بالقصف الإسرائيلي. وبينما تم رفع معظم الأنقاض في الأحياء الأخرى لم يحدث أن أعيد بناء منزل واحد من بين مئة ألف منزل تضررت أو دمرت تماما.
وقال تيرنر إنه لا يبدو أن هناك عودة وشيكة إلى الحرب بين إسرائيل وحماس في وقت لا يتحدث فيه أي من الطرفين عن مصلحة له في تجدد العمليات العسكرية بعد الدماء التي أريقت العام الماضي وإزهاق أرواح 2100 فلسطيني و73 إسرائيليا.
وقال "لا أعتقد أن الطرفين يريدانها (الحرب) وأعتقد في الحقيقة أنهما يفعلان ما بوسعهما لتجنبها."
ومع ذلك قال تيرنر وهو يشير إلى جماعات جهادية أطلقت صواريخ على إسرائيل في الأسابيع الماضية هناك من يريد إشعال نار الحرب من جديد.
وقال "من المهم جدا ألا ينجرف المسؤولون (في الجانبين) إلى شئ لا يريدونه. يجب ألا يكون بمقدور صبيين يملكان مدفع مورتر أن يقررا إشعال حرب بين غزة وإسرائيل."
* الحكم الفعال
وهاجم تيرنر ما وصفه بغياب الحكم الفعال في غزة قائلا إن السلطة الفلسطينية التي مقرها الضفة الغربية هي وحدها القادرة على ملء أي فراغ قيادة.
ويريد المانحون -الذين تعهدوا بدفع 5.4 مليار دولار لإعادة الإعمار في غزة ولم يدفعوا معظمها- أن يكون للسلطة التي يقودها الرئيس محمود عباس دور في حكم غزة والإشراف على المساعدات. وتقاوم حماس التي سيطرت على القطاع من قوات موالية لعباس في 2007 تقاسم السلطة في غزة رغم اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية وقع العام الماضي.
ودمرت مصر التي تنظر حكومتها إلى حماس كعدو إسلامي شبكة من أنفاق التهريب تحت خط الحدود مع القطاع وأبقت معبر رفح -البوابة الوحيدة تقريبا للقطاع على العالم- مغلقا أغلب الوقت.
وتسمح إسرائيل بمرور مئات من حمولات الشاحنات من السلع إلى غزة يوميا لكنها تفرض قيودا مشددة على دخول مواد البناء وتقول إنها يمكن أن تستخدم أيضا في الأغراض العسكرية.
وقال تيرنر "الاقتصاد دمر فعليا بسبب الحصار." وأضاف "لكن لا أرى أنه سيسوء أكثر من ذلك. الوضع مروع بالفعل."
وأعلن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن الاقتصاد على حافة الانهيار في وقت اقترب فيه معدل البطالة من 45 في المئة وانخفض الانتاج بنسبة 15 في المئة في العام الماضي وحده.
وتساعد الأونروا التي تدير 250 مدرسة في غزة وتمر بمشاكل تمويلية خاصة بها اللاجئين الفلسطينيين في غزة منذ عام 1949 بعد عام من قيام إسرائيل.
ويعتمد نحو 1.2 مليون نسمة في القطاع على مساعدات الأونروا وقال تيرنر إنه في غياب أي حل سياسي في الأفق فإن الوكالة تحتاج للمضي قدما بطريقة تضمن لها التمويل المستدام.
وتبلغ ميزانية عمليات الأونروا في غزة ومناطق أخرى في الشرق الأوسط نحو 680 مليون دولار سنويا وتعاني عجزا بنحو 101 مليون دولار. وخفضت الوكالة عدد العاملين الدوليين فيها وجمدت التوظيف وتبحث عن سبل جديدة لتوفير النفقات.
وقال تيرنر "نأمل أن نتمكن من سد الثغرة... إذا لم نستطع سيتعين علينا عندئذ اتخاذ قرارات صعبة للغاية في أغسطس (آب) بشأن ما إذا كان لدينا المال الكافي لفتح المدارس."