انخفضت مستويات الثقة في ألمانيا للشهر الرابع على التوالي متأثرة بالمخاوف المسيطرة على الأسواق بارتفاع معدلات البطالة في ألمانيا و التي بدورها ستزيد من الضغوط السلبية على مستويات الإنفاق و الدخل الأسري في البلاد، فأن ارتفاع معدلات البطالة يجعل المستهلكين أقل تفاؤلا تجاه توقعاتهم المستقبلية بشأن دخلهم.
سجلت القراءة الفعلية لمؤشر GFK لثقة المستهلكين في ألمانيا خلال شباط ما قيمته 3.2 مقارنة بالقراءة السابقة المعدلة بمقدار 3.4 بعد أن كانت القراءة بقيمة 3.3 و جاءت القراءة الفعلية أفضل من التوقعات المقدرة بمقدار 3.1.
يبدو أن ما قدمته الحكومة الألمانية و البنك المركزي الأوروبي من خطط لتحفيز الاقتصاد الألماني لم تكن مجدية، فلقد أقرت الحكومة خطة تحفيز مقدرة ب 85 بليون يورو متضمنة تخفيضات ضريبية و دعم لقطاع السيارات و البنية التحتية، و قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة المرجعية لمستويات 1.0% الأدنى منذ تأسيس البنك،أضافه لإقرار سياسة شراء السندات الحكومية بقيمة 60 بليون بهدف ضخ السيولة و فك جمود عمليات الإقراض بعد ما سببته الأزمة الائتمانية من فوضى عارمة بجميع القطاعات الاقتصادية.
أن هذه المساعي الحكومية تهدف بشكل أساسي لدعم مستويات الثقة بالاقتصاد الألماني التي تعد من الداعمات الأساسية لبناء الدورة الإنتاجية، فأن انخفاض مستويات الثقة لدى المستهلكين تجعلهم يميلون لتقليص حجم الإنفاق و الاستهلاك خوفا من عدم حصولهم على المزيد من الأموال مما ينعكس سلبا على مستويات الأسعار و مستويات الطلب و يدفع المؤسسات لتقليص حجم الإنتاج و تسريح المزيد من الموظفين لتقليص التكاليف، إذا بالنهاية أن السبب الرئيسي لانخفاض مستويات الثقة بالاقتصاد الألماني هو المخاوف من ارتفاع معدلات البطالة التي سيقلص حجم الدخل.
حقق الاقتصاد الألماني العديد من التطورات خلال الفترة الماضية فلقد كان من أولى الاقتصاديات التي استطاعت الخروج من مرحلة الركود الاقتصادي و تحقيق نموا بالناتج المحلي الإجمالي عند مستويات 0.7% خلال الربع الرابع، إلا أن العائق الأساسي بالفترة الراهنة هو ارتفاع معدلات البطالة التي ستحمي جميع هذا التطورات التي شهدها الاقتصاد الألماني.
إذا عزيزي القارئ، لا بد للحكومات من إيجاد الحلول الناجعة لتقليص معدلات تسريح الموظفين حيث لا يتكرر ما حدث في الثمانينيات عندما سبب ارتفاع معدلات البطالة وقوع الاقتصاديات بالركود الاقتصادي ذو قاعين أو الركود المسمى (W) و هذا من أسوا أنواع الركود الاقتصادي و يحتاج الاقتصاد فيه لوقت طويل للخروج منه.
و بصدد حديثنا عن مستويات الثقة، لا يزال التشاؤم مسيطر على الأسواق المالية في بداية التداولات الأسبوعية، بعد أن أغلقت مؤشرات الأسهم العالمية في تداولات الأسبوع الماضي باللون الأحمر متأثرة بحديث الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء الخميس الماضي عن الخطة الجديدة لتضيق نطاق مستويات المخاطرة التي تتحملها البنوك، و هذا ما أنعكس سلبا على أسواق الأسهم و العملات.
سبب الحديث عن هذه الخطة انخفاض بمستويات الثقة بالأسواق، خاصة و نحو بصدد الإعلان عن نتائج الشركات خلال الربع المنصرم، تتزايد التوقعات بأن تظهر بعض الشركات تراجعا بأدائها مثل شركة فايت و التي من المقرر اليوم الإعلان عن نتائج السنوية لعام 2009 و يتوقع أن يسجل نصيب الفرد لكل سهم ما قيمته -0.255 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بمقدار 0.017 لكل سهم .