وصلنا إلى ختام تداولات الأسبوع عزيزي القارئ والمستثمرون في انتظار صدور تقارير زخمة ومليئة بالدلائل حول الوضع الاقتصادي خلال شهر أيلول، حيث سيصدر تقرير أسعار المستهلكين إلى جانب تقرير مبيعات التجزئة، ناهيك عن مؤشر نيويورك الصناعي الذي سيصدر أيضا في وقت لاحق، وذلك بالإضافة إلى بيانات أخرى عديدة، أضف إلى ذلك أن السيد برنانكي سيتحدث اليوم قبيل افتتاح الجلسة بخصوص السياسة النقدية في بوسطن.
بداية نبدأ حديثنا عن تقرير أسعار المستهلكين الأمريكي الذي سيصدر مغطيا شهر أيلول والذي من المتوقع أن يشير إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 0.2% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 0.3%، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن يرتفع المؤشر بنسبة 1.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.1%، وعلى صعيد آخر فمن المحتمل أن يشير التقرير إلى نفس الإشارة التي أتى بها تقرير أسعار المنتجين والذي صدر أمس الخميس، وهي أن المخاطر التخضمية باتت تنحد لدى الاقتصاد الأمريكي شيئا فشيئا.
حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلكين الجوهرية تلك المستثنى منها أسعار الغذاء والطاقة خلال أيلول بنسبة 0.1% مقارنة بالقراءة الصفرية السابقة، في حين من المتوقع أن تثبت أسعار المستهلكين الجوهرية على الصعيد السنوي عند القراءة السابقة التي بلغت 0.9%، وهنا نشير بأن البنك الفدرالي أشار مرارا وتكرارا وفي مناسبات عديدة أن التضخم لن يكون العقبة الكبرى لمرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة المقبلة، خاصة وسط الضعف الجاري في النشاطات الاقتصادية.
واضعين بعين الاعتبار أن معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني أثقلا كاهل النشاطات الاقتصادية، الأمر الذي انعكس على مستويات الدخل والإنفاق لدى المستهلكين، وبالتالي أسهم في تباطؤ عجلة نمو الاقتصاد الأمريكي، مما حد من ارتفاع الأسعار في الاقتصاد الأمريكي والتي قللت من المخاطر التضخمية.
منتقلين إلى تقرير مبيعات التجزئة الأمريكية فمن المتوقع أن تثبت خلال أيلول عند الارتفاع السابق الذي بلغ 0.4%، مع العلم أن التوقعات تشير بأن مبيعات التجزئة عدا المواصلات ارتفعت خلال الشهر نفسه بنسبة 0.3% مقابل 0.6% خلال آب، في حين من المحتمل أن ترتفع مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات والوقود بنسبة 0.3% خلال أيلول مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.5% خلال آب.
وهذا ما يثبت ما أسلفنا ذكره أعلاه، وهو أن العقبات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي عملت على الحد من تطور مستويات الطلب وبالتالي انعكست بالسلب على إنفاق المستهلكين، الأمر الذي أثر على نمو الاقتصاد، وذلك لأن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي نفس الوقت عزيزي القارئ سنكون بانتظار صدور مؤشر نيويورك الصناعي والذي من المتوقع أن يرتفع خلال تشرين الأول إلى 6.00 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4.10، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع الصناعة كان قد فقد بعضا من عزمه خلال الفترة القليلة الماضية بعد أن حقق توسعا كبيرا مقارنة بباقي القطاعات الرئيسية، إلا أن العوائق ثبطت من معنويات القطاع ليشهد تباطؤا في أنشطته على الرغم من أنه حافظ على التوسع ولكن ضمن وتيرة أبطأ.
وبعدها سيكون الموعد مع مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين، حيث من المتوقع أن ترتفع القراءة التمهيدية للمؤشر خلال تشرين الأول إلى 68.9 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 68.2، وذلك بعد الأمل الذي بثه البنك الفدرالي من خلال تلميحاته على أنه قد يعلن عن برنامج تخفيف كمي جديد خلال تشرين الثاني بهدف تعزيز وضع الاقتصاد الأمريكي.
وبما أننا تطرقنا إلى مسألة البنك الفدرالي وخططه، فيجدر بنا الإشارة هنا إلى أن السيد برنانكي رئيس البنك الفدرالي الأمريكي سيتحدث اليوم عن السياسة النقدية في بوسطن، حيث أن هناك احتمالين من أثر حديث برنانكي، الأول بأنه في حال بدا الرئيس مترددا نوعا ما حول التدخل الذي ألمح عنه البنك الفدرالي خلال محضر اجتماع اللجنة الفدرالية فإن الدولار الأمريكي قد يرتفع خلال اليوم ليعود بعضا من خسائره.
أما الاحتمال الثاني، في حال أعرب الرئيس عن تشاؤمه وقلقه بخصوص الوضع الاقتصادي وطالب بالإسراع في مسألة تدخل البنك الفدرالي فإن الدولار سيواصل هبوطه الذي بدأه منذ فترة وجيزة، مما قد يشير بأننا قد نشهد الذهب يطرق أبواب المستويات التاريخية الجديدة عند 1400 دولار للأونصة، مشيرين من ناحيتنا بأن الاحتمال الثاني هو الأكثر ترجيحا بالنسبة لما سيحصل اليوم، وذلك لأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يوجه حربا ضروس مع العقبات، وسيلزمه مزيدا من الدعم ليعود إلى تحقيق نمو منشود كما في أواخر العام الماضي.
وبالعودة إلى أنجدة البيانات الرئيسية الصادرة اليوم فستنتظر الأسواق صدور مؤشر مخزونات الأعمال الذي من المتوقع أن يشير إلى تراجع طفيف في الأنشطة، حيث من المحتمل أن يرتفع المؤشر بنسبة 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.0%، إلا أنه من الواضح أن الثقة في الأعمال تراجعت نوعا ما وسط التباطؤ الذي واجهته قطاعات رئيسية مختلفة.
والاقتصاد الأمريكي من المؤكد أن يستمر في سيره نحو التعافي من أسوأ ركود منذ الكساد العظيم، في حين أننا لا ننتظر حل سحري للاقتصاد، حيث كما أشرنا أنها مسألة وقت، في حيث أن البنوك المركزية والحكومات في العالم يحاولون مواصلة الدعم لتحقيق مستويات نمو على مستوى العالم ليعود الاقتصاد العالمي إلى وضعه المعهود...