مار ديل بلاتا (الأرجنتين)، 4 ديسمبر/كانون أول (إفي): هيمنت الفضيحة الدبلوماسية التي أثارتها الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليكس" على ختام فعاليات القمة العشرين لدول إيبروأمريكا، والتي ركزت على سبل حماية المنطقة من وقوع انقلابات.
وقطع رؤساء دول وحكومات المنطقة اليوم خطوة نوعية بالتوقيع على "البند الديمقراطي"، والذي يخول للمنظمة تعليق نشاط أي دولة في الالية الايبروامريكية تقوم بالخروج عن المؤسسية الديمقراطية.
ويخول البند الديمقراطي للدول الأعضاء بايبروامريكا اتخاذ سلسلة من الاجراءات بدءا من الادارات الدبلوماسية، وحتى تعليق مشاركتها في أي من أجهزة المنظمة في حال وقوع انقلاب.
وينص البند على أن يتم وقف العمل بهذه الاجراءات "عندما يتم تقرير أن الأسباب التي دعت الى تبنيها تم تجاوزها بشكل كامل، وذلك استنادا الى تقييم دوري للوضع".
وعلى الرغم من أن البيان الختامي لايبروامريكا كان أقل حدة مقارنة بالبيانات الصادرة عن منظمات اقليمية أخرى، مثل تكتل سوق الجنوب المشترك (ميركوسور) واتحاد أمم أمريكا الجنوبية (أوناسور)، لم يتردد الرؤساء في التأكيد على أهمية أحد الاتفاقيات الـ13 التي تم التوقيع عليها في نهاية قمة مار ديل بلاتا.
ويرى الرئيس الاكوادوري رفائيل كوريا أن هذا الاجتماع "يمثل علامة فارقة" في تاريخ المنطقة، "لأننا نقوم بتحديد خطوات حتى لا يحاول هؤلاء الذين لا يمكنهم الفوز في الانتخابات التآمر ضد الحكومات الشرعية المنتخبة في أمريكتنا مطلقا".
وكان عدد من عناصر الشرطة قد نظموا احتجاجات مفاجئة في 30 سبتمبر/أيلول الماضي ضد خفض الحوافز المالية والمهنية الخاصة بهم، نجم عنها أعمال وشغب وصفتها الحكومة آنذاك بأنها "محاولة للانقلاب على الدولة".
واحتجزت عناصر متمردة من الشرطة والجيش رئيس البلاد، رافائيل كوريا، لأكثر من تسع ساعات في إحدى مستشفيات الشرطة ودارت بينهم وبين قوات عسكرية وقوات خاصة موالية للرئيس مواجهات مسلحة، ما أدى إلى مصرع عدد من رجال الأمن.
وقالت كريستينا فرناندث، رئيسة الأرجنتين، البلد المضيف، أنه من الضروري "أن نكون جميعا مستعدين لدفعها الى الأمام بقوة وحزم، وقطع كل أنواع الصلة بهذه الدولة التي تحاول أو تتمكن من تدمير الديمقراطية".
ويعتقد الرئيس الجواتيمالي ألبارو كولوم أن هذا القرار قد يساهم في الحفاظ على الاستقرار السياسي في أمريكا الوسطى.
وبدوره أوضح الرئيس السلفادوري ماوريثيو فونيس أن "مشكلات الديمقراطية يتم حلها فقط بمزيد من الديمقراطية"، مطالبا القمة بألا "تعاقب" الشعب الهندوري على الانقلاب الذي شهدته هندوراس في يونيو/حزيران 2009.
كما حث حكومة هندوراس، التي يترأسها بورفوريو لوبو، الوحيد الذي لم يتلق دعوة للمشاركة في القمة، الى اعادة بناء النسيج الديمقراطي، وتسهيل عودة الرئيس المخلوع مانويل ثيلايا الى البلاد.
وكان وزير الخارجية الكوبي برونو رودريجيث باريا أول من فتح النار باتجاه الملفات السرية التي نشرها "ويكيليكس"، حيث أكد أن الموقع "يقوم بتعرية الدبلوماسية الامبريالية"، و"تكشف عن نواياها الحقيقية"، و"التدخل في شئوننا الداخلية".
وشدد باريا "لابد من أن يظل قليل من السذج في العالم الذين لم يفهموا أن خلف الابتسامات، والكلمات الطيبة للرئيس الأمريكي (باراك أوباما) لم يحدث أي تغيير سياسي أو أخلاقي".
وفي هذا الصدد أعرب وزير الخارجية الفنزويلي نيكولاس مادورو اليوم عن رفض بلاده الشديد لما أسماه "عمليات المكيدة الدائمة" التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد الثورة البوليفارية، والتي كشفت عنها النقاب الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليكس".
وقال مادورو أن الوثائق التي نشرها ويكيليكس خلال الأيام الأخيرة تكشف "معلومات حول اضطهاد دائم للثورة البوليفارية والشعب الفنزويلي".
ومن جانبه وجه نائب الرئيس البوليفي ألبارو جارثيا لينرا انتقادات لاذعة لـ"الدبلوماسية الامبريالية للتجسس، والتآمر" التي تتبعها الولايات المتحدة، داعيا دول المنطقة، وخاصة الأرجنتين لعدم الوقوع في الفُرقة.
وأكد لينرا، موجها حديثه الى فرناندث، "الشفافية هي أفضل دفاع ضد التآمر، وليس لدينا أي شيء نخفيه، ولا نسمح لهذه المعلومات، تكشف تباعدا بيننا لا يمكن أن يقسمنا".
ويشير لينرا بهذا، دون التصريح به، الى ما نشره الموقع من وثائق بشأن رغبة فرناندث في التعاون مع الولايات المتحدة في استراتيجيتها في بوليفيا.
وكان موقع (ويكيليكس) قد نشر مؤخرا أكثر من 250 ألف برقية دبلوماسية أمريكية مصنفة بأنها سرية، وهو ما اعتبرته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون "هجوما على الدبلوماسية الأمريكية وعلى المجتمع الدولي".(إفي)