يترقب المستثمرين الأسبوع المقبل بلهفة و الذي سيحمل في طياته قرارت البنوك المركزية في القارة الاوروبية, في الوقت الذي يرى فيه العديد من المحللين بأن البنك المركزي البريطاني سيقوم بتوسيع نطاق برنامج شراء الاصول لدعم مستويات النمو في البلاد و تجنب الوقوع في ركود اقتصادي مزدوج بعد اقرار الحكومة اكبر خطة لتخفيض الانفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية, أما عن موقف المركزي الاوروبي فأنه مختلف و تتزايد التكهنات بأن لن يجري آيه تعديلات على السياسة النقدية.
قرار البنك المركزي البريطاني
استطاع الاقتصاد البريطاني خلال الاسبوع الماضي أن يبرهن للجميع بأنه قادر على تخطي الصعاب و النمو خلال الربع الثالث بأفضل مرتين من التوقعات مدعوما بنمو أداء القطاع الخدمي و البناء, على الرغم من هذه البيانات الجيدة لكننا لا نستطيع نكران حقيقة بأن وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة قد تبأطت بعد اقرار حكومة كاميرون أكبر خطة لتخفيض الانفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية.
أقرت الحكومة الائتلافية أكبر خطة تخفيض في الانفاق العام متضمنة رفع الضرائب و تخفيض أجور العاملين في القطاع العام أو تسريحهم بهدف تقليص العجز في الميزانية العامة الذي تجاوز الحد الأعلى الذي وضعه الاتحاد الأوروبي عند 3.0% من الناتج المحلي الإجمالي, و ليسجل 11.1% خلال العام الماضي, يضع تخفيض الانفاق العام المزيد من الاعباء على عملية التعافي الاقتصادي , خاصة أن البنك المركزي البريطاني يواجه موجة من انقسام الاراء بين اعضاء لجنة السياسة النقدية حول كيفية التعامل مع الارتفاع الكبير في معدلات التضخم.
أسفر محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني خلال الاجتماع الماضي عن تثبيت سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% و ابقاء سياسة شراء السندات الحكومية عند 200 بليون جنيه, و جاءت نتيجة التصويت بواقع 7-1-1 , فيرى سنتس ضرورة رفع سعر الفائدة المرجعي بهدف الحد من ارتفاع معدلات التضخم اما بولسين فيرى ضرورة توسيع سياسة التخفيف الكمي لدعم مسيرة الانتعاش الاقتصادي.
ألمح البنك الفدرالي أنه قد يتدخل قريباً لدعم النمو في جولة ثانية من خلال المزيد من إجراءات تيسير سياساته النقدية لمواصلة مسيرة الانتعاش الاقتصادي و تجنب الوقوع في ركود اقتصادي مزدوج, فالاتجاه العالمي في الوقت الراهن لتوسيع هذه السياسات المالية الغير اعتيادية بعد ان كان المركزي الياباني السباق بذلك.
يتوقع بحوث الأعمال و الاقتصاد البريطاني حيث أشارت إلى إمكانية قيام البنك البريطاني يتوسيع قيمة برنامج شراء الأصول ضمن موجة جديدة تقدر بقيمة 100 بليون جنيه إسترليني بل و الإبقاء على سعر الفائدة المتدني حتى نهاية عام 2012 وذلك بهدف دعم عملية تعافي الاقتصاد البريطاني. و التي بدأت تتأثر بما تقوم به الحكومة بأكبر خفض للإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية.
عزيزي القارئ , جميع المعطيات المطروحة في الوقت الراهن تدعم و بقوة قيام البنك المركزي البريطاني بتوسيع نطاق سياسة شراء السندات الحكومية, فلقد تباطأت وتيرة النمو, ارتفعت معدلات التضخم لمستويات غير مسيطر عليها, ازادا الخلاف بين اعضاء لجنة حول كيفية التعامل مع السياسة النقدية.
قرار المركزي الأوروبي
أما اتجاه البنك المركزي الأوروبي فانه مختلف ، يرى البنك أن معدل الفائدة الحالي يعد مناسبا ولن يتبع الإتجاه العالمي نحو التوسع في برامج التخفيف الكمي، لكن الواقع يفرض بعداً آخر على البنك بضرورة العمل على تمديد سياسة التخفيف الكمي , حيث طالب رئيس البنك المركزي الألماني السيد اليكس ويبر من رئيس البنك المركزي السيد جون كلود تريشيت ايقاف سياسة شراء السندات الحكومية طويلة الأمد , و رد تريشيت اليوم بالرفض مبررا ذلك بأن سياسة شراء السندات الحكومية قد انعشت الحكومات الأوروبية و البنوك في محاولاتهم المتكررة لمهاجهة الركود الاقتصادية و الحاجة لتمويل الديون.
إذن البنك المركزي الأوروبي سيبقي سياسته النقدية ثابتة , فالتوقعات تدور حول ابقاء سعر الفائدة المرجعي عند المستويات 1.0% الادنى منذ ولادة البنكو خاصة و أن معدلات التضخم في منطقة اليورو مسيطر عليها أي حول 2%.
ننتظر منطقة اليورو خلال الاسبوع المقبل أيضا بيانات عن أداء القطاع الصناعي و الخدمي خلال الشهر الماضي و تدور التوقعات حول تباطؤ أداء هذين القطاعين متأثران بشكل أساسي من تراجع مستويات الطلب العالمي على المنتجات الأوروبية بعد تباطؤ اداء الاقتصاديات العالمية مثل الصين, الولايات المتحدة , و بريطانيا الشريك التجاري الأولى للمنطقة و الذي بدوره سيقلص الصادرات بشكل كبير خاصة و أن اليورو بدأ بالارتفاع أمام العديد من العملات الرئيسية.