الجزائر، 17 مارس/آذار (إفي): لم يكن التساؤل الاستنكاري الذي أطلقه العقيد معمر القذافي في خطاب متلفز الشهر الماضي حين قال "هل هذه آخرتها يا أهل بنغازي؟" سوى تمهيد لما يعتزم القيام به تجاه المدينة التي صارت معقلا للثوار المطالبين بإسقاط نظامه حيث توعدهم الخميس بشن "عمليات قصف شديدة" في حال عدم استسلام "المتمردين" قبل حلول الفجر.
وحذر القذافي في خطاب تلفزيوني سكان المنازل التي قد يعثر بداخلها على أسلحة من أنهم سيعاملون كأعداء، وقال "في هذه الساعات الاخيرة، حانت ساعة الحسم لهذه المأساة. سنصل هذه الليلة ولن يكون هناك رحمة".
وقارن القذافي بين دخول الديكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو العاصمة مدريد خلال الحرب الاهلية الإسبانية (1936-1939) بفتحه الليلة مدينة بنغازي.
وقال موجها حديثه إلى سكان بنغازي الذين اعتبرهم انصاره "أنتم العمود الخامس في المدينة"، موضحا انه سيعتمد عليهم في هذا اليوم "الذي سيحررون فيه المدينة".
يذكر ان العمود الخامس (الطابور) مصطلح استخدمه الجنرالات الموالون لفرانكو للإشارة إلى الاشخاص الذين كانوا يعملون بشكل سري من داخل مدريد لمساعدة دخول قواته العاصمة الإسبانية.
وطالب القذافي "المتمردين" بوضع السلاح والفرار الليلة، مفيدا بأن الذين سيستسلمون "سيتم العفو عنهم وحمايتهم"، منهيا حديثه عبر الإذاعة بإغلاق الخط بصورة مفاجئة، وبدون كلمة توديع.
وفي الوقت ذاته، حذرت السلطات الليبية من "هجوم مضاد" يستهدف حركة الملاحة "الجوية والبحرية في البحر المتوسط" في حال القيام بعمل عسكري ضد نظام القذافي.
وقال المتحدث باسم اللجنة العامة المؤقتة للدفاع بليبيا في بيان نشرته وكالة (أوج) الرسمية "إن أي عمل عسكري خارجي ضد ليبيا، سيعرض جميع الملاحة الجوية والبحرية في البحر المتوسط للخطر".
وأضاف "وستصبح كل السابلة المدنية والعسكرية أهدافا للهجوم المضاد الليبي، وسيصبح حوض البحر المتوسط في خطر شديد ليس على المدى القصير، بل على المدى البعيد أيضا".
ويأتي التصعيد من جانب نظام القذافي قبل عقد مجلس الأمن اجتماع لبحث الاجراءات التي يمكن اتخاذها لوقف هجمات كتائب العقيد ضد الثوار في المدن الشرقية للبلاد.
وينتظر أن يبحث الاجتماع مشروع القرار المقدم من قبل لبنان والداعي لفرض حظر جوي على ليبيا لحرمان القذافي من أفضلية استخدام الطيران الحربي، وهو الإجراء الذي يحظى بدعم فرنسي ومعارضة روسية.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، اندريس فوج راسموسين، قد دعا الأمم المتحدة في وقت سابق اليوم للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن للتدخل في ليبيا وتجنب حدوث نصر وصفه بانه "غير مقبول" لصالح القذافي.
وكتب راسموسين على صفحته على موقع (فيس بوك) "إذا فرض القذافي نفسه، فسيبعث برسالة مفادها أن العنف يأتي بنتيجة. وهذا سيكون غير مقبول من الناحية الإنسانية والديمقراطية".
وطالب الأمين العام للحلف بالتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن محذرا من "نفاد الوقت"، وأكد أن حلف شمال الأطلسي "مستعد لحماية المدنيين من هجمات النظام".
ومن جانبها، أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة تحاول "إقناع" مجلس الأمن بمنح تفويض للقيام بتحركات جديدة ضد النظام الليبي، بما في ذلك "فرض منطقة حظر جوي"
.
وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي بتونس التي تزورها حاليا للمرة الأولى منذ سقوط الرئيس زين العابدين بن علي "إذا لم يرحل العقيد الآن، فسيشكل تهديدا خطيرا على تونس ومصر".
يشار إلى أن ليبيا تشهد انتفاضة شعبية اندلعت في 17 من الشهر الماضي في مختلف أنحاء البلاد، للمطالبة بسقوط نظام القذافي الحاكم منذ أكثر من 40 عاما. (إفي) ع ن/ش و