اليوم تغيب البيانات الهامة من المنطقة الأوروبية إلا أن حالة الترقب لتحركات البنوك المركزية لاتزال تمثل محور الإهتمام الرئيسي في الآونة الأخيرة، وذلك لما يشهده العالم من تبادل الأدوار بين الحكومات و البنوك المركزية نحو دعم الاقتصاد بعد الأزمة المالية العالمية.
البداية كانت مع تدخل البنك المركزي الياباني في سوق الصرف لخفض قيمة الين بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته منذ خمسة عشر عام بل و قام البنك بالتوسع في سياسة التخفيف الكمي إذ يحاول البنك إلى دفع عجلة النمو و حماية صادرات البلاد من التراجع التي تعد الداعم الرئيسي للاقتصاد. ويهيئ ذلك التحرك المفاجئ من البنك الياباني الرأي العام العالمي نحو إقدام بنوك أخرى نحو التوسع في السياسة النقدية و خطط التحفيز.
وهذا ما محدث بالفعل فأصبحت الأسواق تترقب قيام البنك الإحتياطي الفيدرالي بالتوسع في برنامج شراء الأصول من جديد وذلك بعد العديد من التلميحات الصادرة عن اللجنة الفيدرالية المفتوحة بقيادة السيد برنانكي رئيس البنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي و أصبحت التلميحات حقيقة مؤكدة نحوز هذا الإتجاه خلال الفترة المقبلة.
ليس البنك الإحتياطي الفيدرالي وحده يسعى في ذلك المضمار، أيضا في بريطانيا فإن المتابع لتحركات البنك المركزي البريطاني يرى أنه كان هنالك تصريحات وتلميحات حذرة من قبل رئيس البنك السيد ميرفن كينج منذ أوائل العام الحالي نحو عدم الإكتفاء بقيمة برنامج شراء الاصول الحالي البالغ 200 بليون جنيه و أنه قد تحدث عملية توسع إذا ما إستدعت حاجة الاقتصاد البريطاني إلى ذلك وهذا ما تؤكده البيانات التي صدرت في الآونة الأخيرة بجانب أراء أعضاء لجنة السياسة النقدية التي بدأت تظهر توجها في ذلك الصدد.
ومن ضمن آخر التوقعات التي صدرت عن مركز بحوث الأعمال و الاقتصاد البريطاني حيث أشارت إلى إمكانية قيام البنك البريطاني يتوسيع قيمة برنامج شراء الأصول ضمن موجة جديدة تقدر بقيمة 100 بليون جنيه إسترليني بل و الإبقاء على سعر الفائدة المتدني حتى نهاية عام 2012 وذلك بهدف دعم عملية تعافي الاقتصاد البريطاني. و التي بدأت تتأثر بما تقوم به الحكومة بأكبر خفض للإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية.
أما بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي فكان له إتجاه آخر، فالبنسبة لآخر التصريحات الرسمية فإن البنك يرى أن معدل الفائدة الحالي يعد مناسبا ولن يتبع الإتجاه العالمي نحو التوسع في برامج التخفيف الكمي، لكن الواقع يفرض بعداً آخر على البنك.
فالبنك المركزي الأوروبي بات أكثر اهتماهه في الوقت الحالي أو دعنا نقول ما استجد عليه من إهتمامات هو سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" امام الدولار الأمريكي. فكون أن السيد تريشيه يتحدث عن ضرورة قوة الدولار الأمريكي في المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب قرار سعر الفائدة في بداية الشهر الجاري، بل و يمتد هذا الحديث نحو إنشاء صندوق بغرض تحقيق الإستقرار لسعر الصرف في سوق العملات و هذا يؤكد على مدى القلق و الضغط الذي يصب على البنك من أجل الحيلولة دون ارتفاع اليورو بشكل كبير و خفض أو تقليص صدى التقبلات التي يشهدها سوق الصرف.
وهذا يعكس تخوف البنك من الأضرار التي تلحق بالصادرات التي كانت الداعم الرئيسي في تحقيق نمو منطقة اليورو في النصف الأول من العام الحالي، في الوقت الذي تواجه فيه بعض من الدول الأعضاء اتساع عجز الموازنة و ما يفرضه الوضع الحالي على حكومات المنطقة نحو خفض الإنفاق العام و بالتالي إبطاء عملية تعافي اقتصاديات المنطقة.