ماريا لويسا جونزاليس.
مدريد، 19 ديسمبر/ كانون أول (إفي): تودع إسبانيا 2011 بعد انتخابات برلمانية مبكرة فاز بها الحزب الشعبي اليميني المحافظ بأغلبية ساحقة، على غريمه التقليدي الحزب الاشتراكي المسيطر على المشهد السياسي منذ ثمان سنوات تقريبا، ليشكل المحافظون حكومة جديدة يتطلع المواطنون إليها لتنتشل البلاد من أزمتها التي تخيم عليها معدلات بطالة غير مسبوقة.
وسيظل الإسبان يذكرون 2011 المنصرم على أنه عام الركود الاقتصادي مقابل استمرار وتيرة معدلات البطالة المرتفعة، يضاف إليها وصول الديون الإسبانية إلى مرحلة حرجة في الأسواق المالية.
من ناحية أخرى، وبعيدا عن الأزمة الاقتصادية وتوابعها، سيذكر 2011 على أنه العام الذي شهد إعلان منظمة إيتا الإرهابية تخليها عن العنف بكافة أشكاله بصورة نهائية، وبعد نحو خمسة عقود من الكفاح المسلح للحصول على استقلال إقليم الباسك مما أسفر عن مصرع ما يربو على 750 شخصا بخلاف آلاف الجرحى.
جاء إعلان إيتا في 20 من أكتوبر/تشرين أول الماضي، قبل شهر كامل من إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي دعا إليه رئيس الحكومة الاشتراكي المنتهية ولايته خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو، تحت وطأة تبعات الأزمة الاقتصادية، فيما تمخضت الانتخابات عن عودة اليسار الانفصالي إلى البرلمان مرة أخرى بعد 15 عاما من الغياب بقوة ممثلا في سبعة نواب.
ومن المقرر ان يبدأ البرلمان الجديد، الذي يسيطر الحزب الشعبي على الأغلبية فيه بإجمالي 186 مقعدا، مقابل 110 للاشتراكيين فيما سيتم تنصيب ماريانو راخوي، زعيم الحزب، كرئيس جديد للحكومة عشية الاحتفال بأعياد الميلاد، بعد تجربتين لم يحالفه فيهما النجاح من خلال انتخابات 2004 و2008 اللتان حسمهما الاشتراكيون.
أكدت الأغلبية الساحقة التي منحها الاسبان للحزب الشعبي، تحول المؤشر السياسي في البلاد لصالحهم، والذي كان قد بدأ مع خسارة الاشتراكيين في مايو/آيار الماضي للانتخابات البلدية، والتي اكتسحها الحزب اليميني أيضا حتى في معاقل الاشتراكيين التقليدية مثل كاستيا-لامانشا واكستريمادورا (شمال ووسط البلاد)
واصطبغت خريطة إسبانيا باللون الأزرق، شعار الحزب الشعبي المحافظ، مما يعني سيطرتهم شبه الكاملة على مقاليد الأمور في البلاد، سواء داخل البرلمان أو في أقاليم الحكم الذاتي والمحليات.
ومقابل هذا التأييد الكبير سيتعين عليهم إدارة أخطر أزمة عاشتها إسبانيا، والتي تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة إلى خمسة ملايين عاطل (21.52%) من إجمالي تعداد سكان البلاد، وتقدر بـ45% في الفئة العمرية الأقل من 25 عاما، إضافة إلى ركود النمو الاقتصادي وتعرض الديون السيادية لضغوط ضخمة في الاسواق المالية العالمية.
ويضاف إلى هذه المؤشرات السلبية بيانات الاتحاد الأوروبي في 13 من الشهر الجاري التي أفادت بتراجع معدل إجمالي الناتج المحلي للفرد في إسبانيا في 2010 ثلاث نقاط أقل من العام السابق، ليقترب بذلك من معدلات عام 2002.
ويبرز من بين المعدلات السلبية الأخرى التي تختتم بها إسبانيا العام، تراجع مداخيل التأمينات الاجتماعية، التي تعد الملاذ الآمن لرواتب المعاشات ودعم البطالة وغيرها من الدعم الاجتماعي، وذلك على خلفية تدهور أوضاع سوق العمل.
وفي ظل هذا المشهد الغائم، من المرتقب ان تتولى الحكومة الجديدة عملها في 21 من الشهر الجاري، واضعة على رأس أولوياتها، وضع حد لطوفان فقد الوظائف الكاسح، وهو ما وصفه الشعبيون بـ"مهمة انقاذ وطنية"، واستئناف مسيرة الاقتصاد، معتمدة سياسة تقشف تقوم على الاستقطاعات لخفض العجز العام إلى 6% هذا العام مقابل 9.2% عام 2010، بناء على ضغوط من الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر ان تضاف توابع عملية الاستقطاعات وما تتضمنه من خفض لرواتب موظفي الجهاز الحكومي بنسبة 5% وتجميد المعاشات، فضلا عن الطوفان الجارف لتدمير الوظائف، إلى كشف حساب حكومة خوسيه لويس ثاباتيرو الاشتراكية المنتهية ولايتها، والتي مني مرشحها ألفريدو بيريث روبالكابا، وزير الداخلية الأسبق، بخسارة ثقيلة هي الأفدح منذ عصر الديمقراطية بحصول حزبه على 110 مقاعد فقط.
ولم يكن عام 2011 صعبا على الاشتراكيين الذين خسروا الانتخابات أو الملايين من الاسبان الذين فقدوا وظائفهم، فقط بل امتدت الخاتمة السلبية للعام إلى الأسرة المالكة التي عاشت في الأسابيع الأخيرة أوقاتا عصيبة بعد ما تم الكشف عن أن إنياكي أوردانجارين زوج الأميرة كريستينا الابنة الصغرى للعاهل الإسباني الملك خوان كارلوس، يجري التحقيق معه للاشتباه في تورطه في إهدار المال العام.
وبعد احتدام الجدل عبر وسائل الإعلام بسبب التحقيق القضائي في عمليات اختلاس أموال قام بها معهد "نووس" الذي ترأسه صهر ملك إسبانيا حتى عام 2006 ، أعلن قصر ثارثويلا الملكي في 12 من الشهر الجاري، استبعاد زوج الأميرة كريستينا، من المشاركة في الأنشطة الرسمية للعائلة.
وأوضح رئيس القصر الملكي رافائيل سبورتون أن القصر قرار استبعاد مشاركة إنياكي في الأنشطة الرسمية جاء بالاتفاق بينه وبين القصر الملكي، مبينا أن القصر سينشر البيانات الخاصة بحساباته قبل نهاية العام الجاري مثله مثل باقي المؤسسات الإسبانية العامة.
يذكر أن إنياكي أوردانجارين، دوق بالما، قد تزوج من الأميرة كريستينا في أكتوبر/تشرين أول عام 1997 وهو يقيم الآن مع زوجته وأبنائهما الأربعة في واشنطن حيث يعمل في شركة تليفونيكا الإسبانية.(إفي)