طهران، 12 يونيو/حزيران (إفي): تحيي إيران اليوم الذكرى الأولى لإعادة انتخاب رئيسها محمود أحمدي نجاد، وهي غارقة في أزمة سياسية واجتماعية حادة، فضلا عن الشكوك حول سلامة اقتصادها وحزمة العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الأمن عليها بسبب استمرارها في تطوير برنامجها النووي المثير للجدل.
وعلى الرغم من أن الضغط الأمني والقضائي قد قضى تقريبا على حركة الاحتجاجات التي غمرت شوارع المدن الإيرانية منذ عام، إلا أن المسافة بين الحكومة وقطاع كبير من الشعب ما تزال قائمة، بل وتزداد اتساعا أيضا.
فمنذ عام، خرج آلاف الأشخاص إلى شوارع الجمهورية الإسلامية بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، دعما لاحتجاجات المعارضة التي وصفت العملية الانتخابية بأنها "غش".
وأدت ممارسات القمع العنيفة للمظاهرات إلى مصرع ما يقرب من 70 شخصا، وفقا لمصادر من المعارضة، وحوالي 30 ، طبقا لنظام طهران، بجانب اعتقال الآلاف من الأشخاص.
ومنذ ذلك الحين، فرضت عقوبة السجن لسنوات متباينة أو الإعدام على ما يقرب من 100 شخص، بينهم مسئولون بالمعارضة، بتهمة تهديد أمن الدولة والمشاركة في مؤامرة تم تدبيرها من الخارج للإطاحة بالنظام.
وفي ظل هذه الأجواء من التوتر، طالبت حوالي عشرة من جماعات المعارضة، برئاسة المرشحين الخاسرين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، خلال الأسابيع الماضية السماح لهم بالتظاهر اليوم مجددا في صمت، غير أنهما عدلا عن طلبهما لـ"إنقاذ حياة أفراد الشعب وممتلكاتهم".
وقال زعيما المعارضة في بيان مشترك نشر على الإنترنت: "المعلومات التي لدينا تشير إلى أن المحافظين وممارسي القمع قد هيأوا أنفسهم مرة أخرى لشن هجمات على المتظاهرين".
يشار إلى أن طهران ومدن كبرى أخرى تعتبر مسرحا منذ بضعة أيام لعملية نشر قوات أمنية موسعة تشارك فيها أيضا جماعات المتطوعين الإسلاميين أو "الباسيج".
وذكر أحد خبراء علم الاجتماع، لم يكشف عن هويته لأسباب أمنية، لوكالة (إفي) أنه "على الرغم من أن الحركة محدودة في الشوارع، إلا أن الاستياء قد زاد، فكثيرون ممن أعطوا صوتهم لأحمدي نجاد العام الماضي، لا يصوتون لصالحه اليوم".
ويبرز ضمن الأسباب الرئيسية الأخرى التي ذكرها الخبير الاجتماعي لإيضاح الوضع الحالي في إيران، ضعف الاقتصاد والضغط الاجتماعي، فعلى الرغم من أن الأرقام الرسمية تكشف عن انخفاض شديد في مؤشر التضخم، إلا أن الواقع اليومي يعكس أن الأسعار قد ارتفعت.
وما يزال معدل البطالة مرتفعا للغاية ويزداد عدد الأسر التي تواجه مشكلات كبيرة حتى ينتهي الشهر.
ونددت بعض الجمعيات النقابية بالإقالات الجماعية في العديد من المصانع، التي اضطر بعضها للإغلاق.
وأصبحت خطة حكومة طهران المثيرة للجدل لاستبدال الدعم الحكومي بمساعدات مباشرة ونقدية للشعب، معلقة في مهب الريح.
ويسعى هذا الإجراء، وفقا للحكومة، إلى الحصول على سيولة يتم إيداعها في برامج صناعية أمام انخفاض الاستثمار الأجنبي، على الرغم من أن الخبراء يحذرون من احتمالية آثاره السلبية على الاقتصاد المحلي الضعيف.
ويذكر أيضا أن هذا المشروع، يحظى بدعم عدد كبير من النواب المتشددين الموالين للحكومة، قد أدى إلى الانقسام في الحكومة والبرلمان، مما دفع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي إلى التدخل ودعوة الطرفين للتعاون، في الوقت الذي أصبح المتشددون فيه يتمتعون بمزيد من التأثير.
ويظهر هذا التأثير المتنامي للمتشددين واضحا من خلال حملات مثل التي تم إطلاقها الأسبوع الماضي ضد ما أسموه بـ"الطريقة الخاطئة لارتداء الحجاب"، حيث انتشرت الشرطة في الشوارع لإيقاف النساء اللاتي يسئن ارتداء الحجاب أو أولئك ممن يضعن المكياج أو يرتدين ملابس قصيرة.
كما تفرض غرامة قد تصل إلى ألف و300 دولار، في البلد الذي يصل متوسط الراتب الشهري فيها إلى 700 دولار، على السيارات التي تقل رجل وامرأة دون وجود ما يثبت أنها زوجته أو إحدى أقاربه.
ويشار إلى أن هذا الإجراء قد أصبح مصدرا جديدا للاستياء، وخاصة بين فئة الشباب الذين يمثلون، وفقا للإحصائيات أكثر من 40% من الشعب.
وأضيف إلى كل ما سبق، العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إيران بسبب استمرارها في تطوير برنامجها النووي المثير للجدل.
وأشار بعض المسئولين في الغرب إلى أن الضغط الدولي بجانب الأوضاع الداخلية قد يتحدان ليغيرا مسار إيران.(إفي)