عمرو فهمي.
القاهرة، 25 يونيو/حزيران (إفي): بمظهره الأنيق وخطواته الواثقة.. تقدم صاحب القميص رقم 21 لتسديد ركلة ترجيح لإيطاليا أمام إنجلترا في ربع النهائي وهو يدرك أن الإهدار قد يعني انحسار أمواج الأتزوري بعيدا عن حلم التتويج الأوروبي الثاني.
شاهد بيرلو قبل تقدمه زميله ريكاردو مونتوليفو وهو يهدر الركلة الثانية، وسمع حارس إنجلترا جو هارت في مؤتمر صحفي وهو يؤكد أنه درس كافة الزوايا المفضلة للاعبين الطليان وأنه واثق من قدرته على إنهاء لعنة بلاده مع ركلات الترجيح.
بكل هدوء وثقة تقدم بيرلو دون أن يعدل خصلة الشعر المنسدلة على جبهته ليضع الكرة بأناقة في منتصف المرمى بعيدا عن هارت الذي ارتمى يمينا ليعيد ذكرى الركلة التاريخية للتشيكي أنتونين بانينكا أمام ألمانيا في نهائي نسخة 1976.
لعبت ركلة بيرلو دورا حاسما في تغيير مسار ركلات الترجيح لصالح إيطاليا، فقلبت معنويات الإنجليز المرتفعة بعد إهدار مونتوليفو لركلته إلى خوف من الثقة البالغة للأتزوري التي عبر عنها مايسترو الوسط حين تحلى ببرودة دم السفاحين ليهز الشباك بسهولة.
وقال بيرلو بنفسه عقب المباراة إن سر اختياره لهذه الطريقة هو رغبته في وضع الإنجليز تحت الضغط، ولكنه لم يكن يدرك أنه بهذه اللعبة سيحصل على تقدير كثيرا ما استحقه ولكنه لم ينله في ظل نجوم آخرين.
أهدر أشلي يونج وأشلي كول ركلتين لإنجلترا فيما حافظ الطليان على أعصابهم ليفوزوا بالمواجهة ويبلغوا الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ عام 2000 بفريق أدرك أن نجما فذا يأتي على رأسه، وإن كان في الثالثة والثلاثين من العمر.
يحمل بيرلو في سجلاته إنجازات وألقابا متفرقة، فهو بطل العالم في ظل أليساندرو ديل بييرو وفرانشيسكو توتي عام 2006 وبطل الدوري الإيطالي مع ميلان بقيادة أندري شيفتشنكو في 2004 ومتوج بدوري الأبطال مرتين مع الروسونيري دون أن ينفرد وحده بالضوء.
ومنذ رحيله عن ميلان الصيف الماضي، عرف بيرلو موقعه المستحق كقائد من الطراز الأول لخط الوسط فإليه يدين يوفنتوس باستعادة لقب السكوديتو بعد مواسم مخيبة، وفيه وجد مدرب المنتخب تشيزاري برانديلي ضالته بعد أن أدى ابتعاد ديل بييرو وتوتي إلى اختفاء النجم الملهم في صفوف الأتزوري.
بيرلو بمركزه الغريب في وسط الملعب كصانع ألعاب متأخر بعيد عن المهاجمين ينجح في بناء الهجمات واختراق دفاع الخصم بتمريرات طويلة ويجيد التسديد من بعيد سواء من وضع الحركة أو من الركلات الثابتة كما فعل أمام كرواتيا في الدور الأول ليورو 2012 ، وهو ما يجعل أغلب المراقبين يعترفون بأنه كلمة السر في المنتخب الإيطالي.
وحدها إبداعات بيرلو الخيالية قد تكون معقد الآمال الإيطالية في إحباط واقعية الألمان في نصف النهائي، بطريقة مشابهة لما فعله نفس اللاعب ورفاقه قبل ست سنوات حين فازوا على المانشافت بهدفين في دورتموند خلال نصف نهائي كأس العالم.
يدرك الإيطاليون أن منتخبهم يضم لاعبا فنانا.. هو تماما كالمخرج فيدريكو فيليني الذي أبهر السينما العالمية قبل أكثر من نصف قرن بفيلمه الخالد "لا دولتشي فيتا" أو "الحياة الحلوة" وهي التي يعيشها لاعبو الأتزوري حاليا بعد أن تجاوزوا فضائح المراهنات وصاروا على بعد فوزين فقط من اللقب القاري الغائب منذ إنجاز 1968.
"علينا الآن أن نعثر على صبية يلعبون الكرة بنفس طريقة بيرلو" - المدرب الإنجليزي المخضرم هاري ريدناب. (إفي) ع ن/ ر س