يطل علينا الاقتصاد الأمريكي بيوم جديد حاملاً في جعبته المزيد من البيانات والأخبار الاقتصادية، حيث سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم الأربعاء بيانات مهمة تتمثل في تقرير الدخل الأمريكي، طلبات البضائع المعمرة، ناهيك عن طلبات الإعانة الأمريكية، علماً بأن مؤشرات الأسهم الأمريكية انخفضت في تعاملاتها الآجلة اليوم بسبب طلب ضعيف في مزاد للسندات الألمانية، مما أثار موجة مخاوف جديدة حيال الأزمة الأوروبية.
هذا وقد انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية في تعاملاتها الآجلة قبيل انطلاق جرس بداية الجلسة، حيث انخفض مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بواقع 115 نقطة أي 1 بالمئة ليصل إلى 11332، في حين انخفض مؤشر S&P 500 في تعاملاته الآجلة بواقع 1.2% ليصل إلى مستويات 1169.3 نقطة، (البيانات مسجلة في تمام الساعة 10:18 صباحاً بتوقيت لندن).
بياناتنا اليوم نبدؤها بتقرير الدخل في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تشير التوقعات إلى أن مستويات الدخل ارتفعت على الأرجح خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر، الأمر الذي تبعه ارتفاعاً في مستويات الإنفاق بالتأكيد وخلال الفترة ذاتها، الأمر الذي إذا ما تأكد اليوم، فإنه سيصادق على حقيقة استمرار اعتدال النمو في مستويات الدخل والإنفاق، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة استمرار ضعف مستويات الدخل والإنفاق.
وتشير التوقعات إلى أن مستويات الدخل الشخصي ارتفعت خلال تشرين الأول/أكتوبر بنسبة 0.3%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.1%، الأمر الذي انعكس على مستويات ومعدلات الإنفاق، حيث من المتوقع أن يظهر تقرير الدخل أيضاً ارتفاع مستويات الإنفاق خلال الشهر ذاته بنسبة 0.3%، بالمقارنة مع قراءة شهر أيلول/سبتمبر والتي بلغت آنذاك 0.6%، علماً بأن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وسيتضمن تقرير الدخل أيضاً بيانات تضخمية، حيث سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم وضمن تقرير الدخل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في قراءة شهر تشرين الأول/أكتوبر، مع الإشارة إلى أن هذا المؤشر هو المفضل لدى الفدرالي الأمريكي لقياس معدلات التضخم في البلاد، وتشير التوقعات إلى أن نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري ارتفعت بشكل طفيف وبنسبة بلغت 0.1%، أما نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري السنوي فمن المتوقع أن تظهر ارتفاعاً طفيفاً هي الأخرى لتستقر عند 1.7%، وفي النهاية فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم وضمن التقرير ذاته قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط السنوي، حيث من المتوقع أن ينخفض المؤشر ليصل إلى 2.7% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 2.9%.
وإذا ما صحت تلك التوقعات فإن ذلك يؤكد على صحة كلام البنك الفدرالي الأمريكي، والذي أشار في العديد من المناسبات إلى أن مستويات التضخم لا تزال تحت السيطرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وسط ضعف الأوضاع الاقتصادية، لذا فالتضخم لا يعد تهديداً لعجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة الحالية، فطالما استمرت معدلات التضخم في الوقوف تحت مستويات 2.0% فإن ذلك لا يقلق البنك الفدرالي الأمريكي، ولا يشكل تهديداً لعجلة التعافي والانتعاش، مع الإشارة إلى أن البنك الفدرالي الأمريكي سيبقي على معدلات الفائدة الرئيسية ضمن معدلات متدنية بين 0.00% و 0.25% لدعم عجلة التعافي والانتعاش حتى منتصف العام 2013 م.
كما وسيصدر الاقتصاد الأمريكي بيانات طلبيات البضائع المعمرة والخاصة بشهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث من المتوقع أن نشهد انخفاض طلبات البضائع المعمرة خلال تلك الفترة بسبب تراجع وتيرة الأنشطة في قطاع الصناعة خلال تلك الفترة، علماً بأن قطاع الصناعو أظهر انكماشاً في تلك الفترة، لذا فإن توقعات المحللين تشير إلى أن طلبات البضائع المعمرة انخفضت خلال تشرين الأول/أكتوبر بنسبة 1.2%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.8% ، في حين تشير التوقعات ذاتها استقرار طلبات البضائع المعمرة عدا المواصلات خلال الشهر ذاته عند القراءة الصفرية، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بقيمة 1.7% .
ومن ناحية أخرى فسيشهد الاقتصاد الأمريكي اليوم الأربعاء صدور بيانات أسبوعية، تصدر بشكل دوري عن قطاع العمل الأمريكي، وبصفتها تصدر بشكل أسبوعي فهي شديدة التأرجح والتقلب، حيث سيصدر عن قطاع العمل اليوم قراءة مؤشر طلبات الإعانة للأسبوع المنتهي في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، لتشير التوقعات إلى أن وتيرة تقديم تلك الطلبات من قبل العاطلين عن العمل ارتفعت بشكل طفيف لتصل إلى 390 ألف طلب، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 388 ألف طلب، أما طلبات الإعانة المستمرة للأسبوع المنتهي في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، فمن المتوقع أن ترتفع لتصل إلى 3621 الف طلب، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 3608 ألف طلب.
وتقف معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية عند أعلى مستوى لها في أكثر من 25 عام عند 9.0%، حيث تقف معدلات البطالة ضمن الاقتصاد الأمريكي كالشوكة في حلة عجلة التعافي والانتعاش، ولا بد لنا من الإشارة إلى أننا لن نشهد تقدماً قوياً في عجلة التعافي والانتعاش الأمريكية، ما لم يتم السيطرة على مستويات البطالة المرتفعة.
وفي النهاية عزيزي القارئ، فإن الأوضاع بشكل عام لا تبشر بخير، فالضعف أصبح سمة لأداء الاقتصاد الأمريكي، حيث ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، ناهيك عن ارتفاع مديونية الولايات المتحدة وارتفاع عجز ميزانيتها، بالإضافة إلى استمرار أزمة الديون الأوروبية، لذلك فمن المؤكد بأننا لن نشهد نمواً حقيقياً وبشكل قوي في الولايات المتحدة الأمريكية قبيل أن يتمكن صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية من دعم قطاع العمل لتنخفض معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن ذلك لا يعني نهاية المعاناة، فأسباب الضعف كثيرة كما ذكرناها في الأسطر القليلة الماضية.