القاهرة، 3 يوليو/تموز (إفي): مفتقرا إلى الكاريزما، قاد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي البلاد إلى حالة استقطاب شديدة بعد عام واحد من توليه السلطة، ما دفع أعداد كبيرة من المتظاهرين للمطالبة برحيله، لتعلن بعدها القوات المسلحة إسقاط شرعيته.
تولى مرسي رئاسة مصر في يونيو/حزيران 2012 بفضل قدرة الإخوان المسلمين التنظيمية، بعد أن فاز بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية على حساب أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
ولم يفز مرسي بفضل أصوات الإسلاميين فحسب، بل بصوت الكثيرين الذين كانوا يشعرون بالخوف من فوز شفيق، أحد رموز نظام مبارك (1981-2011).
ومنذ بداية ولايته، اعتبر مرسي أن فوزه بالانتخابات جاء نتيجة ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011 التي أطاحت بمبارك.
وكما وعد، كان أول اجراء أقدم عليه هو التخلي عن رئاسة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين.
وفي خطابه الأول في ميدان التحرير، كشف مرسي صدره ليثبت أنه لا يرتدي درعا واقيا من الرصاص، وأكد أنه "رئيس لكل المصريين"، مشددا على أن البلاد لن تشهد تفريقا بين "المسلمين والمسيحيين أو الرجل والمرأة".
وفي دخوله السباق الانتخابي، كان المرشح الثاني لحزب الحرية والعدالة، بعد أن رفضت أوراق ترشح نائب المرشد العام للجماعة، خيرت الشاطر، ما جعل البعض يطلقون عليه مسمى "ستبن".
ولم يخف هذا الرجل أصوله الريفية وجعل من التواضع ورقة رابحة يتواصل من خلالها مع المواطن.
وفي مقابلة أجراها مؤخرا مع (إفي)، بدا مرسي خجولا ولطيفا، وغير مهتم ببهرجة الكثير من رؤساء الدول.
ولد مرسي في 20 أغسطس/آب 1951 في قرية العدوة، بدلتا النيل وارتقى داخل جماعة الإخوان المسلمين بالتوازي مع مسيرته المهنية كمهندس.
وبين عامي 1985 و2010 ترأس كلية الهندسة بجامعة الزقازيق، التي عاد إليها بعد أن عمل على مدار ثلاث نوات كمدرس جامعي بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وبعد أن دخل صفوف جماعة الإخوان المسلمين في 1979، تدرج في مناصبها حتى عام 1995، عندما أصبح عضوا بمجلس الشعب.
وخسر في 2005 مقعده في البرلمان، قبل عام من دخوله السجن لمدة ستة أشهر لدعم مظاهرات القضاة الذين أدانوا تزوير الانتخابات.
وخلال الثورة التي أطاحت بمبارك، تم حبسه في سجن وادي النطرون بشمال مصر، حيث تمكن من الفرار بعد يومين مع انهيار الجهاز الامني واقتحام السجون.
وأثار فوز مرسي بالانتخابا مخاوف في صفوف معارضي الإسلام السياسي والأقلية المسيحية، الا أن قراراته الأولى مثل ابعاد المجلس العسكري الذي أدار شئون البلاد بعد سقوط مبارك، قوبلت بالترحاب.
ومع عدم تحقيق جزء كبير من وعوده الانتخابية، ودون اخفاقات كبيرة أيضا، فإن جزء كبيرا من انعدام الثقة يعود إلى 22 من نوفمبر/تشرين ثان الماضي.
وفي ذلك اليوم، حصن مرسي جميع قراراته أمام القضاء لحين دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ، ما أدى إلى احتجاجات واسعة من جانب المعارضة.
ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن من الجلوس على طاولة المفاوضات مع المعارضة، التي لم تبد هي الأخرى نوايا للتفاوض.
وكانت حالة الاستقطاب التي زادت من حدتها الظروف الاقتصادية الصعبة الناجمة عن تراجع السياحة والاستثمارات الأجنبية في تزايد حتى التظاهرات الحاشدة التي خرجت الأحد الماضي لمطالبته بالرحيل والدعوة لانتخابات مبكرة.
وكان ظهور القوات المسلحة على الساحة بالمهلة التي حددتها الاثنين بـ48 ساعة للتوصل إلى اتفاق بمثابة بداية النهاية لمرسي.
وظهر في خطابه الأخير للأمة الليلة الماضية متوترا ومتحديا كرر كلمة الشرعية عشرات المرات في محاولة لتجنب ما يبدو مصيرا محتوما.
وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية اليوم على لسان الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع تفاصيل خارطة طريق تتم بموجبها نقل صلاحيات رئيس الجمهورية محمد مرسي لرئيس المحكمة الدستورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة.(إفي)