صلاح سيد.
القاهرة، 26 يونيو/حزيران (إفي): لم يكن الأمر يحتاج إلى ذكاء كبير، وإنما فقط إلى شيء من قوة الملاحظة للانتباه إلى مصادفات الماضي والحاضر.
فالطريقة التي احتفل بها فابيو جروسو بهدفه في مرمى ألمانيا في نصف نهائي مونديال 2006 على ملعب مدينة دورتموند، هي نفسها التي احتفل بها ماركو تارديللي بهدفه في نفس المرمى عام 1982 بملعب "سانتياجو برنابيو" في نهائي مونديال إسبانيا، عبر أرجحة الرأس كالمجانين، وإطلاق العنان لضغط نفسي كامن لنحو الشهر.
ورغم أن الهدفين لم يكونا الأخيرين في المباراتين، تمكن "لي أتسوري" في المرتين من رفع كأس العالم، حيث كان هدف تارديللي هو الثاني مقابل لا شيء في مباراة انتهت 3-1 ، فيما جاء هدف جروسو في الدقيقة قبل الأخيرة من الوقت الإضافي إلا أن أليساندرو ديل بييرو كان لديه الوقت لإضافة ثاني الحسم في الدقيقة الأخيرة.
وبعد غد الخميس، تتجدد المواجهات الرسمية بين الفريقين العريقين في "كلاسيكو" ناري جديد بالعاصمة البولندية وارسو، في نصف نهائي "يورو2012"، حيث يحلم الطليان بلاعب جديد يحرز هدفا جميلا ثم يأرجح الرأس بعده.
يبدو أن المنتخب الإيطالي هو "المتحدي" على طريقة رياضة الملاكمة، في لقاء لا يزال البعض يصر على منح الفوز فيه للألمان، من أجل إعادة نهائي النسخة الماضية قبل أربعة أعوام، والتي جمعت في فيينا "المانشافت" أمام إسبانيا، التي تخوض نصف نهائيها غدا الأربعاء أمام جارتها البرتغال.
لكن الباحثين عن لقب النسخة الثانية منذ 1968 على أرضهم، أظهروا في البطولة الحالية أنهم ليسوا الفريق الفاشل الذي ودع مونديال جنوب أفريقيا 2010 من الدور الأول وهو حامل اللقب، وخرجوا من مواجهتين كلاسيكيتين دون هزيمة حيث تعادلوا مع الإسبان أبطال العالم وأوروبا في أولى مبارياتهم بهدف ومع الإنجليز في دور الثمانية، قبل الحسم بركلات الترجيح.
ويعتمد الفريق الإيطالي على عناصر الخبرة حتى الآن في مشواره بالبطولة، وأولها الحارس المخضرم جيانلويجي بوفون الذي لم تهتز شباكه حتى الآن سوى مرة واحدة، وآخرها صانع الألعاب المتألق أندريا بيرلو.
ولم يبد الدفاع الإيطالي بالوهن الذي خشيه الجميع حتى الآن، سواء لعب معه دانييلي دي روسي أو تقدم عنه إلى مركزه الأصلي في الوسط، لكن أقوى مشكلاته لا تزال قائمة في الهجوم، حيث يعاند التوفيق مهاجمه "الفاقد لعقله" ماريو بالوتيللي.
وقد يكون أخطر أعداء الفريق الإيطالي في لقاء الخميس احتمال غياب دي روسي للإصابة، فضلا عن الإجهاد الذي أصاب اللاعبين بعد الحصول على يومي راحة أقل من المنافس رغم خوضهم مواجهة دامت أكثر من 120 دقيقة، إلا أن الثقة تملأ الجماهير إزاء المدرب تشيزاري برانديللي الذي أظهر حتى الآن اقتدارا في قيادة الفريق، الذي بات على بعد خطوة من العودة لنهائي البطولة للمرة الأولى منذ الخسارة أمام فرنسا عام 2000.
على الجانب الآخر، يسعى الماكينات إلى إنهاء سوء الحظ الذي يعاند الفريق أمام إيطاليا على المستوى الرسمي، بفريق شاب يملك من القدرات ما يفوق أعمار أفراده.
وتجاوز "الماكينات" مجموعة الموت بسهولة غير متوقعة، حتى أنه الفريق الوحيد في البطولة الذي فاز في كل مبارياته حتى الآن، لكن القدر كافأه في دور الثمانية بمواجهة اليونان بطل 2004 وأضعف فرق ربع النهائي، ليفوز بسهولة 4-2.
وبعث المدرب الواثق يواخيم لوف برسالة إلى الجميع مفادها أن فريقه يملك كل البدائل، حيث أجلس على مقاعد البدلاء ثلاثة من نجومه الأساسيين من بينهم هداف البطولة ماريو جوميز، ولم يؤثر ذلك على الآداء قيد أنملة.
ولا يزال الفريق يعتمد على مانويل نوير في حراسة المرمى، ولم يرتكب الحارس أي من الأخطاء التي أنهى بها موسمه مع بايرن ميونخ، فيما يقدم نجم وسطه مسعود أوزيل أداء تصاعديا كلما مضت البطولة.
كما يملك الألمان أقوى هجوم في البطولة سواء لعب جوميز أو المخضرم ميروسلاف كلوزه، فيما وجدوا لدى بطل البوندسليجا مع دورتموند ماتس هوميلز حلا لمشكلاتهم الدفاعية، بينما يخشى الفريق -كما هو الحال مع دي روسي- غياب مايسترو خط الوسط باستيان شفاينشتايجر الذي أرهقته آلام الكاحل في الأشهر الأربعة الأخيرة.
ومع تتويجهم أبطالا مطلقين على القارة العجوز بثلاثة ألقاب، لا تزال الجماهير الألمانية تأمل في العودة إلى لقب كبير للمرة الأولى منذ "يورو1996"، وهو ما يمر أولا عبر السفر من وارسو إلى كييف مقر النهائي. (إفي)