يصعد سعر بيتكوين إلى حوالى 50 ألف دولار، وهو ما يمنح سوقها قيمة إجمالية تقترب من 1 تريليون دولار، وأصبحت العملة الرقمية بشكل متزايد جزءًا من المشهد المالى الحديث، ويتعامل بنك الاستثمارات الموقر «بى إن واى ميلون» الآن مع بيتكوين، وتقوم «ماستركارد» بدمجها فى أنظمة المدفوعات الخاصة بها، واشترت «تسلا» بتكوين بقيمة 1.5 مليار دولار كبديل للنقدية.
ويتطلب فهم هذه الظاهرة استفسارين منفصلين: ما هى عملة بيتكوين ؟ وما هى قيمتها؟
أولاً، «بيتكوين» هى تمثيل رقمى لامركزى للقيمة يعمل بشكل أو بآخر كوسيط للتبادل ووحدة حساب ومخزن للقيمة.
وتعمل على شبكة لا مركزية من أجهزة كمبيوتر تقوم بالتحقق من صحة المعاملات وتسجيلها على دفتر عام ودائم وموزع، يُعرف باسم بلوكتشين، وفى بعض النواحى، لا تختلف بيتكوين عن التكوين الجماعى لموسوعة ويكيبديا، فمنذ البداية، أتاح الإنترنت إمكانية مشاركة المعلومات عالميًا وفوريًا بين شخص وآخر.
وتعد بتكوين حاليا جزءًا من أحدث موجة إنترنت والتى تستخدم التكنولوجيا لنقل الأشياء القيمة – مثل المال – بنفس السرعة وبشكل مباشر، ويعتقد المؤيدون أن تصميم بيتكوين، يوفر حلاً تقنيًا لمشكلة التحقق القديمة المتمثلة فى ضمان إرسال عناصر معينة من القيمة مرة واحدة فقط إلى مستلم متاح، وبدلاً من السلطات المركزية الموثوقة، تستخدم بتكوين آلية إجماع مفتوحة لا مركزية قائمة على القواعد.
ويجادلو مناصروها أيضا بأن هذا الابتكار سيوسع الوصول إلى الخدمات المالية، ويسهل التحويلات، ويقلل من تكلفة النشاط الاقتصادى العالمى، ويعزز الخصوصية الفردية بينما يرى النقاد بأن هذا كله ضجة فارغة وكيمياء تكنولوجية.
وبالنسبة لهم، تعتبر ييتكوين شديدة التقلب وأصل مضاربة، ولا تؤدى وظيفة مفيدة اجتماعيًا، والأسوأ من ذلك، يمكن استخدامها للتهرب من القانون أو ممارسة التمويل غير المشروع.
وهم يرون فى تقييمها المرتفع حمى وفقاعة شبيهة بـ «هوس التوليب» فى القرن السابع عشر
وهناك آراء لا تنتهى حول بيتكوين، وهى بالنسبة للبعض، ثورة تكنولوجية، وأصل ذو قيمة عالية، وتحوط ضد انخفاض قيمة النقدية، ووسيلة سخرية من النظام المالى الحالى.
وبالنسبة لآخرين، تعد بيتكوين أداة احتيال وتلاعب وطريقة لفصل عدم المتشككين فيها عن أموالهم، ومع ذلك، هناك شىء واحد مؤكد بشأن بييتكوين، وهو أنها ليست أداة حكومية وإنما اجتماعية، ولا تحمل أى اعتماد سيادى، ولا تستخدم للمدفوعات من قبل الحكومات ولا تسوى أى التزامات حكومية، والأهم من ذلك أنها لا تخضع للرقابة النقدية الحكومية.
وقد يكون التحرر من خضوعها لخفض البنوك المركزية لقيمة العملات هو أكثر ما يثير حماس أنصارها، هذا يقودنا إلى السؤال الآخر: ما هى قيمة بيتكوين؟ وبطبيعة الحال، فإن الآراء المتباينة بشأن أهميتها تثير آراء متعارضة حول قيمتها.
ولحسن الحظ، توجد ميادين للفصل بين تلك الآراء المتنافسة، وفى الواقع، منذ عام 2017، كانت العقود الآجلة وخيارات بيتكوين الخاضعة للتنظيمات فى الولايات المتحدة هى ما قدرت إجمالى السيولة فى السوق، ووزعت العطاءات والعروض، ووصلت المشترين بالبائعين، وسوّت التداولات فى كل من النقدية وبتكوين المادية.
وبلغ الحجم الإجمالى لعقود بيتكوين الآجلة المفتوحة 18.9 مليار دولار أوائل الشهر الماضى، ويوفر هذا القدر الكبير من السيولة فى التداولات إمكانية استكشاف السعر ويسمح لطرفى النقاش بالتعبير عن رأيهم فى قيمة بيتكوين، وواجه إطلاق عقود بيتكوين الآجلة المنظمة فى الولايات المتحدة شكوكًا فى البداية – لاسيما من المصرفيين المركزيين القلقين من أن ذلك سوف «يضفى الشرعية» على العملة.
وهى تسمح الآن للمستثمرين باستكشاف الأسعار والتعامل فى أسواق شفافة ومنظمة وتحديد قيمة سوقية عادلة، وقد يكون جمال بتكوين فى عين ناظرها، ومع ذلك، لا يحتاج المرء إلى أن يكون «مشجعا متطرفًا» لعملة بيتكوين ليشعر بالارتياح عندما يعلم أن قيمتها يتم تحديدها بشكل متزايد، ليس من قبل الحكومة، ولكن من خلال العرض والطلب النشطين فى أسواق سائلة جيدة التنظيم.
قد يكون هذا وحده سببًا لسخرية البعض من بيتكوين، ولكنه بالنسبة لكثيرين آخرين يعد هذا سبب «حملهم» للأصل.
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز»