Investing.com - في خضم التضخم المفرط، أزمة القيادة، والتدخل الدولي، أصبحت فنزويلا تمثل مدى فشل التمويل الحديث وتسلط الضوء على دور العملات الرقمية في كيفية إعادة تشكل النظام المالي السائد وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
ظل الاقتصاد الفنزويلي في دوامة هبوطية لعدة سنوات، مع وجود ضوابط صارمة للغاية على رأس المال يعود تاريخها إلى أوائل التسعينات والتي تمنع المواطنين من الحصول على العملات الأجنبية. ووصل الوضع السياسي إلى ذروته، حينما أعلن زعيم المعارضة، خوان غايدو، بأنه الرئيس الشرعي للدولة ورفض الرئيس الحالي نيكولاس مادورو التخلي عن السلطة.
وفي وسط هذا الاضطراب، فإن الضحايا هم عامة الشعب الفنزويلي، إذ بلغ معدل التضخم حوالي 1.7 مليون% في العام الماضي، مما دفع الآلاف من المواطنين للسفر 125 ميلا عبر جبال الأنديز، إلى كولومبيا.
ومع انخفاض قيمة العملة المحلية "البوليفار" وخروج معدلات التضخم عن السيطرة ، اتجه الفنزويليون إلى العملات الرقمية لتأمين وضعهم المادي. وبسبب خلوها من الوصاية المركزية، وفرت العملات الرقمية أصولا مستقرة نسبيا يمكن للفرد السيطرة عليها والتعامل معها دون خوف من الإشراف الحكومي، بعد أن قامت حكومة مادورو بتجميد أي حساب مصرفي يقوم بمعاملة تزيد عن 50 دولار.
ومن بين العملات الرقمية وأنواعها المختلفة، بدأ المواطنين في فنزويلا بتبني البيتكوين للاحتفاظ بمدخراتهم في شكل أكثر استقرارا. وعلى الرغم من الكلفة العالية للتداول من نظير لآخر في المنصات المحلية للبيتكوين، إلا أن فنزويلا تقوم بتداول البيتكوين بأحجام أكبر من أستراليا وكندا والهند مجتمعين.
كما يتزايد الطلب على أجهزة الصراف الآلي الخاصة بالبيتكوين ويقبل تجار التجزئة ومواقع التجارة الإلكترونية العملة الرقمية، وعندما يهرب المواطنين من الدولة يقومون بتحويل أموالهم إلى البيتكوين بدلا من المجوهرات بسبب سهولة نقلها وتحويلها.
ومن جانبها، أصدرت الحكومة الفنزويلية عملة رقمية خاصة بها تدعى "بترو" كمحاولة لوقف نزيف "البوليفار" وتحسين الوضع الاقتصادي، ولكن العملة الرقمية المدعومة بالنفط واجهت العديد من الانتقادات ووصفها البعض بأنها مجرد خدعة. وزاد الأمر سوءا عندما لم يحدد المسؤولين نوع البلوكتشين التي ستعمل عليها العملة وفشلوا في إظهار كيفية ربطها بالنفط وتراجعوا عن عدد المنصات التي سيسمح لها بتداول العملة.
وبشكل عام، تظهر فنزويلا أفضل إمكانيات التشفير واستخدامه كأداة للهروب من الحكومات القمعية الفاسدة، ولذا لابد أن تظل العملات الرقمية لامركزية وأن تحافظ على عنصر الخصوصية.