مدريد، 11 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): يشتهر المخرج البريطاني كين لوش بقصصه الدرامية الجذابة، التي جسد بها الواقع الحالي لبلاده، لكنه في أحدث أفلامه "نصيب الملاك"، يثبت أن للكوميديا فعالية أيضا، حيث يؤكد في مقابلة مع وكالة (إفي) "إنك تبدأ في فهم الناس عندما تجعلهم يضحكون".
وبعد حصوله على جائزتي لجنة التحكيم في مهرجان كان والجمهور الأوروبي في مهرجان سان سباستيان، يصل "نصيب الملاك" يوم الجمعة المقبل إلى دور العرض الإسبانية بهدف "التسبب في إثارة لغط لدى المتفرج"، عبر قصة جذابة لعدد من الفاشلين الذين يتمكنون من قلب أوضاعهم.
ويمتزج الويسكي بالبطالة بالصراعات الشبابية في هذا العمل الذي يغير فيه لوش جلده تماما، بشكل يدهش المشاهدين الذين كانوا ينتظرون بالتأكيد مأساة جديدة، على عكس حقيقة الفيلم الذي سيعرض في ديسمبر/كانون أول في عدة دول أوروبية من بينها إيطاليا والسويد واليونان.
ويؤكد المخرج البريطاني (76 عاما) "من الجيد القيام بالعكس، بغير المتوقع"، في إشارة إلى الفيلم المعقد في بساطته، والذي تتفوق فيه السخرية وغريزة البقاء على كافة العوامل الأخرى.
رغم ذلك يضيف كاتب السيناريو بول لافيرتي الذي حضر المقابلة إلى جانب لوش أن القصة "كان يمكن أيضا أن تصبح مأساة أخرى بالنظر إلى ظروف أبطالها".
ويحكي "نصيب الملاك"، المصطلح الذي يشير إلى القدر الذي يتبخر من الويسكي أثناء عملية صناعته، قصة روبي، وهو شاب من جلاسجو يفلت بمعجزة من السجن، يعيش من صديقته الحبلى، ودون عمل أو مستقبل يقوم بأعمال اجتماعية إلى جوار شباب آخرين على شاكلته يعانون من مشكلات. ولحسن الحظر، يلوح له الويسكي كطوق نجاة.
وينطلق العمل من نسبة البطالة المرتفعة بين الشباب في دول مثل بريطانيا وإسبانيا، وهو ما يعلق عليه لافيرتي بقوله "إنه أمر مخجل، كابوس، ليس فقط بالنسبة لمن يتخرجون في الجامعة، لكن بالتأكيد الأمور أصعب بكثير ممن لم يتموا تعليمهم".
والسبب في ذلك أن هؤلاء الشباب ينظر إليهم كضحايا "لكن عندما تقضي وقتا طويلا معهم تكتشف ما لديهم من طاقة ورغبة في الحياة وقدرة وعزم وتوهج وموهبة وذكاء"، وتلك هي اللحظات المتعة التي يتحرك منها الفيلم، رغم أنه لا يشدد كثيرا على قسوة الوضع الذي يحيونه.
ومن أجل تجسيد هؤلاء الشباب على الشاشة الكبيرة، أحاط لوش ولافيرتي نفسيهما بمجموعة من الممثلين الذين خرجوا من نفس البيئة الاجتماعية التي يتحدث عنها الفيلم، وبعضهم مثل بطل العمل نفسه بول برانيجان لم يكن لديه خبرة سابقة بالعمل في السينما.
ويتذكر لوش "لم تكن قيادتهم صعبة، ببساطة كان علينا تركهم يتحركون على طبيعتهم"، معتبرا أن جميع الممثلين في الفيلم "أشخاص حقيقيون، يمثلون بطريقة واقعية للغاية"، ويضيف "الأشخاص التي ابتكرها بول تنطبق عليهم تماما".
وتم تعديل عدة تفاصيل في السيناريو كي ينطبق على الممثلين المختارين، الذي طبعوا جانبا من شخصياتهم على الأدوار. يقول لوش "عندما كنت أشعل الكاميرا وأنظر في أعينهم، كنت أرى ما هو أبعد من نظراتهم".
ويضيف برانيجان "بشكل أو بآخر يظهر الفيلم وضعا حقيقيا قاسيا للغاية لكن هؤلاء الفتيان يملكون عقلية وطاقة غير معقولة، وذلك هو ما يقوم عليه الفيلم ويمنحه القوة".
وفي سن الخامسة والعشرين، يعترف الاسكتلندي الشاب (25 عاما) أن المشاركة في هذا الفيلم غيرت حياته، التي تشبه في كثير من تفاصيلها قصته، إلا أن ذلك لا ينطبق على الويسكي المحور الرئيسي للفيلم.
ويوضح "أحب ويسكي مالطة، لكن ليس بقدر الشخصية التي أجسدها".
ويعترف لوش بأن أهمية الويسكي في الفيلم جاءت بناء على اقتراح لافيرتي، وبدا له مناسبا للغاية استعمال عنصر يعرفه السائحون جيدا عن أسكتلندا، فيما يجهله أهل البلاد لارتفاع سعره.
ويشدد لوش "إنها مأساة كل يوم. التفاوت بين عالم تنفق فيه عشرات الآلاف من الجنيهات لشراء زجاجة ويسكي، فيما يعيش في الجانب الآخر أناس في الفقر"، معتبرا أنها "تبقى الحياة اليومية لأي شخص"، سواء قدمت في شكل كوميدي أو تراجيدي أو درامي. (إفي)