طوكيو-كييف، 26 أبريل/نيسان (إفي): تحيي أوكرانيا اليوم الذكرى الخامسة والعشرين لحادثة تشرنوبل، أسوأ حادث نووي في التاريخ، في الوقت الذي تلقي فيه أزمة محطة فوكوشيما النووية في اليابان بظلال قاتمة على مستقبل الطاقة النووية في العالم.
فقد أكدت الحكومة اليابانية اليوم أنها تأخذ في اعتبارها الدروس المستفادة من هذه الكارثة النووية عند التعامل مع أزمة محطة فوكوشيما، رغم تشديدها على الفارق بين الواقعتين.
وأوضحت الحكومة اليابانية أن دروس حادثة تشرنوبل انعكست في جهود طوكيو للسيطرة على الإشعاعات المنبعثة من محطة (دايتشي) بمحافظة فوكوشيما جراء الزلزال الذي ضرب القطاع الشمالي الشرقي للبلد الآسيوي في 11 مارس/آذار الماضي وأعقبته موجات المد العاتية (تسونامي)، فيما يعتبر فصل أسود جديد في عهد الطاقة الذرية.
ويذكر أن حالة الطوارئ القصوى قد أعلنت في الحادثين، كما اعترفت السلطات اليابانية بإمكانية تطبيق الدروس المستفادة من تشرنوبل عند مواجهة أزمة فوكوشيما، رغم تشديدها على الاختلافات الشديدة بين الواقعتين.
وفي هذا الصدد، أشار المتحدث باسم حكومة طوكيو، يوكيو إيدانو، اليوم إلى أن "الدراسات والأبحاث الخاصة بحادث تشرنوبل حول المشكلات الصحية التي قد تنجم عن الإشعاع، أصبحت معرفة مشتركة للإنسانية كلها".
وأضاف أنه لذلك، كانت كارثة تشرنوبل "عاملا غير مباشر" في تطبيق إجراءات الإجلاء وتحديد منطقة عدم اقتراب حول محطة (دايتشي) النووية بمحافظة فوكوشيما لمسافة 20 كلم.
وعلى الرغم من ذلك، شدد المتحدث باسم الحكومة اليابانية على أن الكارثتين ليس لهما "نفس الطبيعة"، مؤكدا أنه عند رفع حالة الطوارئ القصوى، كانت نسبة الإشعاعات المتسربة تساوي 10% مما انبعث من تشرنوبل.
كما ركزت الحكومة اليابانية على شفافيتها بشأن الحادث ومستويات الإشعاعات، مقابل التعتيم الذي اتبعته السلطات في أول الأمر حول ما حدث في تشرنوبل.
ولكن ذلك لم يمنع سيل الانتقادات التي وجهت لكيفية رد حكومة طوكيو على الكارثة والذي يعتبره الكثيرون بطيئا للغاية، أو يحول دون ظهور أصوات جديدة مناهضة للطاقة النووية في اليابان، ثالث أكبر قوة اقتصادية على المستوى العالمي والثالثة أيضا في الطاقة الذرية بامتلاكها 53 مفاعلا، خلف الولايات المتحدة وفرنسا.
وتزامنا مع حلول الذكرى الـ25 على وقوع كارثة تشرنوبل، وجهت 87 منظمة غير حكومية في اليابان نداء مشتركا لـ"مجتمع خال من الطاقة النووية"، وأعلنت عن مساع في جميع أنحاء البلد للتمكن من الإغلاق الدائم لمحطة (دايتشي) و(دايني) المجاورة لها بفوكوشيما.
كما طالبت المنظمات بوقف برنامج إعادة تدوير النفايات النووية، وتعليق خطط بناء محطات نووية جديدة في اليابان، فضلا عن إغلاق المفاعلات القديمة.
وفي هيروشيما، شعار الحركة المناهضة للطاقة النووية، اعتصم نحو 80 شخصا، بينهم العديد من الناجين من القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة في عام 1945 ، في حديقة السلام التي تشغل الرقعة الناجمة عن الانفجار النووي.
وشدد النشطاء، وهم رافعون لافتات كتب عليها شعارات مثل "الطاقة النووية والإنسانية لا يمكن أن يتعايشا سويا"، على ضرورة اعتبار أن الدرس المستفاد من تشرنوبل هو إمكانية تكرار وقوع مثل هذا النوع من الحوادث لأنه لا توجد أية محطة نووية "بلا عيوب".
ووفقا لتقارير نقلتها وكالة (كيودو) الرسمية، فإن الحكومة اليابانية أكدت أنه، عقب ما وقع في فوكوشيما، ستقوم بمراجعة الشؤون الأمنية الخاصة بالمحطات النووية في البلاد، والتي تخلو غالبيتها من نظام بديل لمولدات الطوارئ التي تلفت في محطة (دايتشي).
وذكرت شركة (تيبكو)، التي تدير المحطة، أنه من المتوقع إعادة نظام تبريد مستقر للمفاعلات في منتصف يوليو/تموز المقبل.
وكان الرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش قد صرح بأن كارثة تشرنوبل النووية تعتبر "تحديا عالميا" بإمكان المجتمع الدولي فقط وهو متحد، احتواؤه، وذلك في رسالة وجهها للشعب بمناسبة مرور 25 عاما على هذه المأساة.
وأكد يانكوفيتش أن "أوكرانيا كانت تواجه مأساة تشرنوبل وحدها بالفعل لفترة طويلة.. ولحسن الحظ، لسنا بمفردنا الآن".
كان المفاعل الرابع في محطة تشرنوبل النووية في أوكرانيا قد انفجر في 26 أبريل 1986 خلال اختبار للسلامة، مما تسبب في وقوع أكبر كارثة نووية مدنية عرفها العالم.
وتسبب الحادث في إطلاق نحو 200 طن من المواد الانشطارية في الغلاف الجوي لكوكب الأرض، بإشعاع يساوي ما بين 100 و500 قنبلة ذرية كالتي قذفت على مدينة هيروشيما اليابانية.
وقد لقى 36 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من ألفي شخص. وعقب الانفجار أعلنت السلطات أن منطقة تشرنوبل منطقة منكوبة وتم اجلاء أكثر من 100 ألف شخص من المناطق المحيطة بالمفاعل، كما أدى الانفجار إلى إغلاق المصانع وتعطل المزارع وبلغت الخسائر المادية أكثر من ثلاثه مليارات دولار. (إفي)