وطأة الانهيار الاقتصادي في لبنان شديدة في الشمال المهمل

تم النشر 28/06/2021, 17:59
© Reuters. سيارات تنتظر في طابور طويل أمام محطات الوقود في الدامور بلبنان يوم 25 يونيو حزيران 2021. تصوير: عزيز طاهر-رويترز.
DX
-
RR
-

من دومينيك إيفانز وعصام عبدالله

طرابلس (لبنان) (رويترز) - لم يعمل طه رز سوى ثلاثة أيام خلال أكثر من شهر في مخبزه بمدينة طرابلس اللبنانية في الشمال المهمل حيث وطأة الانهيار الاقتصادي أشد منها في مناطق أخرى ودفعت بالآلاف أمثاله إلى براثن الفقر.

استطاع المخبز، شأنه شأن طرابلس نفسها، اجتياز مصاعب سابقة عندما تفجر التوتر الطائفي الذي غذته الحرب في سوريا وتحول إلى اشتباكات في الشارع الذي يوجد فيه المخبز. غير أن أفران المخبز أصبحت باردة الآن ولا يوجد على الأرفف سوى جوالين من الطحين (الدقيق).

ويقول رز، أحد ضحايا الانهيار الاقتصادي في لبنان، إن المخبز قلص عدد العاملين بشدة من 25 إلى اثنين وإنه لم يعمل سوى ثلاثة أيام منذ عطلة عيد الفطر في منتصف مايو أيار كان آخرها خبز صينيتين من الحلويات قيمتهما 50 ألف ليرة لبنانية تعادل 3.30 دولار فقط بسعر السوق غير الرسمية.

قال رز (33 عاما)، الذي يعول ابنتيه وتنتظر زوجته أن تضع طفلها الثالث قريبا، إنه اعتاد العمل لكنه الآن يقترض لكي ينفق.

اعتاد المخبز شراء الطحين بالطن لكنه يشتري المستلزمات مثل السكر والسمن بأكياس صغيرة تحتوي على بضعة كيلوجرامات بعد أن تبخر الطلب على إنتاجه من الحلوى وقلص الناس إنفاقهم ليقتصر على الضروريات فقط.

قال بوجار هوشا مدير منظمة الإغاثة كير الدولية في لبنان "للأسف شمال لبنان تضرر أكثر بكثير من مناطق لبنان الأخرى. الوضع في غاية المأساوية".

وأضاف أن أعدادا كبيرة من الأعمال أغلقت أبوابها وفقد من يعملون بها وظائفهم.

وحتى بالنسبة لمن لا يزالون يعملون أصبحت قيمة المرتبات بالدولار عُشر ما كانت عليه في 2019 بينما يتوالى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بلا هوادة.

ويقول البنك الدولي إن الانهيار الاقتصادي في لبنان من أكثر الانهيارات التي شهدها العالم حدة في التاريخ الحديث.

وتقول حكومة تصريف الأعمال إنها لم يعد في وسعها استخدام احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية لدعم السلع الغذائية والوقود.

وتأمل الحكومة أن تقدم دعما ماليا للأسر الفقيرة في إطار خفض الدعم لكنها قد لا تملك الموارد الكافية أو السلطة السياسية لتحقيق ذلك.

وقال هوشا إن نسبة من يعيشون في فقر ويحتاجون للمساعدات الغذائية قد تبلغ هذا العام 70 في المئة في مختلف أنحاء البلاد بما يرغم جماعات الإغاثة على العمل بسرعة لإعادة توجيه عملياتها.

وأضاف "عندما دخلت كير الدولية لبنان، دخلنا فعليا لدعم اللاجئين السوريين".

وقال إنه بعد أن ظلت المؤسسة على مدار عشر سنوات تقدم المساعدة للسوريين رأت الأزمة اللبنانية تطل برأسها قبل عامين. وتابع "عدًلنا إستراتيجياتنا وأعدنا توجيه مواردنا".

* عمالة الصغار

كانت وطأة الزيادة في الفقر شديدة على الصغار والكبار على السواء.

فقد ترك شادي اللبابيدي (16 عاما) المدرسة قبل أكثر من عام للعمل بدوام كامل في إصلاح السيارات وقال إنه يريد أن يساعد والديه في هذه الأوقات الصعبة.

قال في الورشة التي يقوم فيها بإصلاح أجزاء السيارات المصنوعة من الألياف الزجاجية إنه سعيد بالعمل لكنه كان يفضل أن يكمل دراسته وإنه يعمل فقط لمساعدة أسرته.

وأضاف أن كل شيء أصبح غالي الثمن مشيرا إلى أن سعر الدولار بلغ 15 ألف ليرة وأن ثمن باكو المقرمشات أصبح 2000 ليرة.

وهو يقول إنه يحصل على ما بين 75 ألف و100 ألف ليرة أسبوعيا أي أقل من سبعة دولارات. وتدور حياته حول العمل والنوم لكنه يحلم بالخروج من طرابلس لرؤية لبنان من مدينة بعلبك القديمة في سهل البقاع إلى أشجار الأرز الشهيرة في جبال لبنان.

وقال اللبابيدي إنه يريد عملا دائما معقولا يدر من المال ما يساعد به والديه وأن يعيش على حد قوله مثل بقية الناس بدلا من أن يعيش "هذه الحياة البائسة".

وفي شقة مكونة من غرفة واحدة بالدور الأرضي تعيش نزهة حمزة (73 عاما) مع ابنها العاطل عن العمل وابنتها المصابة بمتلازمة داون.

وتحاول المرأة، التي عاشت أحداث الحرب الأهلية اللبنانية على مدار 15 عاما، كسب بعض المال من خلال فرز أوراق الكروم ولفها في حزم لبيعها في متاجر البقالة وتحصل على 2000 ليرة (13 سنتا) لكل كيلوجرام. وقالت إنها تأكل عندما يتوفر لها المال وعندما يتعذر الحصول عليه لا تأكل.

ويتزايد اعتمادها مثل آخرين تضرروا من مدى الانهيار في لبنان وسرعته على المساعدات إذ تحصل على دعم نقدي شهريا من منظمة كير في ضوء إخفاق ساسة لبنان في الاتفاق حتى على أول خطوة لازمة لتقديم العون وهي تشكيل حكومة جديدة للتصدي للأزمة.

© Reuters. سيارات تنتظر في طابور طويل أمام محطات الوقود في الدامور بلبنان يوم 25 يونيو حزيران 2021. تصوير: عزيز طاهر-رويترز.

وقال هوشا "الأمر أشبه بمملكة غياب .. غياب دعم المؤسسات للمواطنين" مشيرا إلى الشلل السياسي الذي دفع قطاع الإغاثة للتدخل لسد الفراغ وتوفير المساعدات الطارئة.

وأضاف "الوضع أشبه بما يحدث بعد الحرب. وكأن حربا كانت تدور قبل أسبوعين أو أربعة أو ستة أسابيع. لا توجد آليات ولا توجد مؤسسات".

(إعداد منير البويطي للنشرة العربية -تحرير وجدي الالفي)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.