Investing.com - بعد الأزمة التي عصفت ببعض البنوك الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية يرجح بعض المحللين أن جذور المشكلة تعود إلى السياسة النقدية المتشددة التي اتبعها الفيدرالي الأمريكي في محاربة التضخم.
بدأت الأزمة حينما اضطر بنك "سيليكون فالي" إلى تصفية جزء كبير من محفظة الأوراق المالية الخاصة بها لتلبية الطلب على النقد، ولأن أسعار السندات قد انخفضت بشكل حاد نتيجة رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال العام الماضي، فقد توقع البنك خسارة تبلغ حوالي 1.8 مليار دولار. ومن هنا جاءت الحاجة إلى 2.25 مليار دولار من رأس المال الجديد.
ورفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة سبع مرات خلال عام 2022، ومرة واحدة حتى الآن خلال 2023، لتتراوح حالياً بين نطاق 4.5 في المئة إلى 4.75 في المئة.
الفيدرالي الآن في حيرة من أمره والأسواق حائرة معه.. فكيف سيكون رد فعل الذهب والدولار والسندات على القرار الفائدة الآن؟
المقاعد محدودة اضغط هنا لتنتهز فرصتك الآن
الفيدرالي.. وإثارة المخاوف
وذكر المؤسس المشارك لشركة الأبحاث "داتا تريك"، نيكولاس كولاس، في مذكرة: "أنه في حال توقف الفيدرالي عن رفع معدلات الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل، فإن أسواق الأسهم العالمية قد تتراجع بين 3% و5%".
وكانت توقعات الأسواق المالية قبل انهيار "سيليكون فالي بنك" الأسبوع الماضي تشير إلى رفع الفائدة الأمريكية هذا الشهر بنحو 25 أو 50 نقطة أساس.
لكن التوقعات تحولت إلى اتجاه البنك المركزي الأمريكي لتثبيت معدلات الفائدة أو رفع بـ 25 نقطة فقط، بينما تلاشت التوقعات التي تسعر الفائدة بـ 50 نقطة.
وأوضح "كولاس": "إذا توقف الفيدرالي فجأة عن دورة رفع معدلات الفائدة، فإن ذلك قد يمثل إشارة على أن هناك بنوكاً محلية أخرى على حافة الفشل".
ويعتقد المحلل أن توقف الفيدرالي عن رفع الفائدة بسبب مخاوف فشل البنوك سيكون بمثابة تيسير للسياسة النقدية للأسباب الخاطئة.
اقرأ أيضًا
عاجل: الذهب يخطو بثقة نحو الـ 2000.. عودة للقمة ولكن الفيدرالي قد يقوده للقاع
مستثمر شهير: أمريكا ستشهد أزمة مالية مدمرة.. وهذا هو وقت الذهب والبيتكوين!
الفيدرالي ومعضلة التضخم
واصل الفيدرالي رفعه للفائدة على مدار عام كامل من أجل محاربة التضخم، وكان يركز بشكل أساسي على كيفية جعل التضخم ينخفض إلى مستوى 2%، وذلك بعد أن بلغ أعلى مستوياته في نحو 4 عقود خلال 2022.
ورغم ذلك، فقد أظهرت بيانات شهر يناير 2023، أن التضخم في أميركا لا يزال يسير بمعدل 6.4%، وهو ما يعني أن التضخم لا يزال بعيدا عن الهدف المحدد، وهذا تحديداً ما دفع بمحافظ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، إلى الإعلان قبل نحو أسبوع، أن المستوى النهائي لأسعار الفائدة قد يكون أعلى مما كان متوقعاً في السابق.
ولذلك حث المستثمر الشهير "كارل إيكان" الاحتياطي الفيدرالي على البقاء على مساره في مكافحة التضخم، على الرغم من الأزمة المصرفية التي عصفت بالأسواق خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال إيكان: "أعتقد أن علينا القضاء على مرض التضخم، وأضاف أن رئيس الفيدرالي "جيروم باول" محق تمامًا، وآمل ألا يقرر أنهم بحاجة إلى تغيير المسار بسبب ما يحدث.
هل يتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة بعد الأزمة؟
بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، تنخفض أسعار السندات بينما ترتفع عوائدها، كي لا تفقد جاذبيتها بالنسبة للمستثمرين، الذين ستستقطبهم عوائد الفائدة المرتفعة على حسابات التوفير البنكية، حيث تكمن المشكلة الرئيسية التي تسببت بانهيار بنك سيلكون فالي، في حيازته الكبيرة لسندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات والتي انخفضت قيمتها.
اضطر البنك إلى تصفية جزء كبير من محفظة الأوراق المالية الخاصة بها لتلبية الطلب على النقد، ولأن أسعار السندات قد انخفضت بشكل حاد نتيجة رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال العام الماضي، فقد توقع البنك خسارة تبلغ حوالي 1.8 مليار دولار. ومن هنا جاءت الحاجة إلى 2.25 مليار دولار من رأس المال الجديد.
وقال مايك مايو المحلل في "ويلز فارغو" في مذكرة للعملاء إن مشكلات (SVB) يبدو أنها ناجمة عن "نقص تنويع التمويل"، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة والمخاوف من الركود والسوق الفاترة للعروض العامة الأولية جعلت من الصعب على الشركات الناشئة جمع رأس مال إضافي.
توقعات الفائدة
أكد معهد بلاك روك للاستثمار، التابع لأكبر شركة لإدارة الأصول في العالم "بلاك روك"، أن الفيدرالي الأمريكي سيواصل رفع أسعار الفائدة على الرغم من انهيار بنك "سيليكون فالي".
وقال المعهد: "على الرغم من أن أزمة القطاع المصرفي تقوض ثقة المستثمرين وتشدد الظروف المالية، إلا أن البنك المركزي الأمريكي سيحتاج إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المتفشي".
وكتب المحللون الاستراتيجيون في بلاك روك في مذكرة حديثة: "لا نرى التطورات الأخيرة بالقطاع المصرفي تسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بوقف حملته لرفع أسعار الفائدة، حيث إن هذه بيئة مختلفة تمامًا عن عام 2008 عندما تم استخدام جميع أدوات السياسة النقدية لدعم الاقتصاد". وأضاف أنه بدلاً من ذلك، فمن خلال دعم النظام المصرفي يمكن للاحتياطي الفيدرالي تركيز السياسة النقدية على خفض التضخم إلى هدف 2%.
أفاد جان هاتزيوس من جولدمان ساكس (NYSE:GS):
"في ضوء الضغوط الأخيرة في النظام المصرفي، لم نعد نتوقع أن تقوم اللجنة الفيدرالية برفع أسعار الفائدة في اجتماعها في 22 مارس وذلك على وقع انعدام اليقين الذي يخيم على الأسواق الآن بعد انهيار بنك "سيليكون فالي"، والذي سيمتد بعد اجتماع هذا الشهر".
وترك بنك جولدمان توقعاته دون تغيير بشأن زيادات بمقدار 25 نقطة أساس في مايو ويونيو ويوليو، لكنه قال إنه رأى حالة من عدم اليقين بشأن مسار رفع أسعار الفائدة بعد مارس، وبالتي توقع تثبيت الفائدة بالاجتماع المقبل.
وقال البنك إنه يتوقع الآن بلوغ سعر الفائدة النهائي عند 5.25٪ -5.5٪.
وقالت بريا ميسرا، الرئيس العالمي لاستراتيجية أسعار الفائدة في TD Securities:
"حتى لو تم بيع SVB، فستظل المخاوف بشأن السيولة ووضع رأس المال للنظام المصرفي قائمة. نتوقع أن تزداد معايير الإقراض المصرفي سوءًا، مما يضيف مخاطر جديدة بشأن الركود. ونتوقع ارتفاعًا بمقدار 25 نقطة أساس في الاحتياطي الفيدرالي في مارس ومعدل نهائي يبلغ 5.75٪."
فيما قال بنك جي بي مورجان (NYSE:JPM):
"إن الفيدرالي لن يتراجع عن سياسته النقدية وذلك لعزمه مواصلة المشوار لمحاربة التضخم، - حتى مع الأزمة التي شهدها القطاع المصرفي مؤخرًا - وبالتالي نعتقد أن هناك زيادة بـ 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل."