قالت مجلة «الإكونوميست» البريطانية، إنه فى الوقت الذى ترتفع فيه وتيرة نمو الأسواق الناشئة، تزداد شيخوخة تايلاند سريعا، مما يجعل صانعى السياسات الاقتصادية لديها بحاجة إلى تغيير مسار النمو الاقتصادي.
قبل عشرين عاما، كانت تايلاند أكثر الأسواق الناشئة توترا، فبعد مرورها بموجة من النمو المفرط وعجزا فى الحساب الجارى بشكل كبير، استنفدت البلاد احتياطى النقد الأجنبى لديها وفقدت ربط عملتها بالدولار، وعقب ذلك، اقترب التضخم من 10%، كما كافح بنك تايلاند لاستعادة الثقة فى البات التايلاندي.
وفى بحث تم الاستشهاد به على نطاق واسع من قبل رومان رانسيير، من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، واثنين من المؤلفين المشاركين، تم استخدام تايلاند كمثال واضح على أن الديناميكية والخطر والنمو السريع والأزمات العرضية، جميعها أمور متلازمة.
وقالت المجلة، إنه لا يزال بإمكان عدد قليل من الأسواق الناشئة اليوم إثارة الدهشة.
فعلى سبيل المثال، استطاعت تركيا تسجيل نمو سريع مع تضخم مكون من رقمين وانخفاض مقلق فى الليرة التركية. ولكن تايلاند ليست واحدة من تلك الاقتصادات، فقد توسع الاستثمار الخاص بنسبة 1.7% فقط العام الماضي. كما أن عائدات السندات السيادية التايلاندية أقل من تلك الأمريكية.
ويعد التضخم فى تايلاند، مصدر قلق مرة أخرى، ليس لأنه مرتفع للغاية، ولكن لكونه منخفضا للغاية، إذ ظل التضخم تحت النسبة المستهدفة من قبل البنك المركزى التايلاندي، والتى تتراوح بين 1% و4% لمدة 13 شهرا على التوالي.
كما ظل التضخم الأساسي، باستثناء الأغذية والخام والطاقة، أقل من 1% لنحو ثلاثة أعوام.
وقال أحد المراقبين المخضرمين للاقتصاد التايلاندي: «إنها اليابان»، مشيرا إلى أن تايلاند حصلت على التركيبة السكانية لليابان منذ 25 عاما، كما أنها على مسار اليابان تجاه التضخم الصفرى ومعدلات الفائدة المنخفضة جدا والفائض الكبير فى الحساب الجاري.
وقال بنك تايلاند، إنه بحلول عام 2022، ستصبح تايلاند أول دولة نامية تمتاز بمجتمع مسن، إذ سيتجاوز أكثر من 14% من سكانها سن الـ 65، لترتفع بذلك نسبة كبار السن فى تايلاند بشكل أسرع من الصين.
وينبغى أن تستثمر البلاد فى البنية التحتية والآلات لضمان أن القوى العاملة الشبابية المستقبلية مجهزة بشكل جيد لوجود عدد كبير من المتقاعدين.
ولسوء الحظ، يظهر صانعو السياسة الاقتصادية لتايلاند بعض السلبية فيما يخص الاقتصاد الكلي، وهو ما كان يعرقل اليابان ذات يوم، فلم يقم بنك تايلاند بخفض معدلات الفائدة منذ أبريل عام 2015، ولكن فى آخر اجتماع عقده البنك المركزى صوت عضو واحد فقط لصالح زيادة معدلات الفائدة خشية أن يعتاد الناس سهولة الحصول على التمويل.
وتتشابه تايلاند إلى حد كبير مع اليابان، فيما يخص تعنتها المتزايد ضد الهجرة، إذ فرضت الحكومة العام الماضى، عقوبات صارمة على المهاجرين غير الشرعيين- كثير منهم من فيتنام وميانمار- الذين يُنظر إليهم على أنهم سارقو فرص العمل ولا يجددون نشاط القوى العاملة الآخذة فى الشيخوخة.
وتحرص تايلاند على جذب مزيد من السياح، إذ ارتفعت الإيرادات الناجمة عن السياح الأجانب بنسبة 11.7% العام الماضي، وهو ما عزز النمو فى ظل ضعف الطلب المحلي، كما ترغب هيئة السياحة فى أن يكتشف الزوار الظلال الجديدة للبلاد، رغم أن تلك الظلال تبدو، فى علم الاقتصاد، باهتة نوعا ما.