نحن بصدد افتتاح أولى جلسات الأسبوع بالنسبة للاقتصاد الأكبر في العالم عزيزي القارئ، بيد أن هذه البداية تعد هادئة للمستثمرين بالنسبة للبيانات الرئيسية الصادرة عن الاقتصاد، منوّهين إلى أن هذا الهدوء قد يكون الذي يسبق العاصفة، حيث أن باقي أيام الأسبوع الجاري سيحمل في طياته الكثير من البيانات الرئيسية الصادرة.
ويجب أن لا ننسى عزيزي القارئ بأن الأسبوع الماضي لم يكن ذلك الاسبوع ذو الأهمية العالية بخصوص البيانات الرئيسية الصادرة عن الاقتصاد، ولكن اوباما أبى أن يتسم ذلك الأسبوع بالهدوء، حيث أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن الوصول إلى تسوية مع الجمهوريين في ما يتعلق بملف الضرائب، والتي تقضي بتمديد الاعفاءات الضريبية لجميع الطبقات ومن ضمنها الطبقة الأكثر ثراء مقابل الموافقة على تمديد مساعدات العاطلين عن العمل.
وتعد موافقة الرئيس وفقاً لرأي جمهور المستثمرين داعماً رئيسياً لمستويات الإنفاق في الاقتصاد الأمريكي، علماً بأن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن جمهور المستثمرين شعروا بالارتياح جراء تصريحات أوباما، نظراً لكون تمديد فترة الإعفاء الضريبي تعود بالخير على الاقتصاد، الأمر الذي رآه المستثمرين على أنه سيكون دعماً لعجلة النمو في البلاد، إلا أن الديقراطيين لا يزالون يعارضون خطة التسوية التي أعلن عنها أوباما.
وقد شهد الأسبوع الماضي أيضاً توقف عمليات بيع السندات الحكومية الأمريكية، والتي ارتفعت عائداتها بشكل جيد في الأسبوع الماضي، مع العلم بأن عملية بيع السندات الحكومية الأمريكية والتي شهدناها على مدار الأسبوع الماضي تعد الأكبر منذ إفلاس بنك ليمان براذرز في ذروة الأزمة المالية العالمية أواخر العام 2008.
واضعين بعين الاعتبار أن مستويات البطالة المرتفعة لا تزال تلعب دور التحدي الرئيسي أمام صناع القرار في الاقتصاد الأمريكي، وسط تدني مستويات نمو الدخول، الأمر الذي لا يزال يدمر مستويات الإنفاق في الاقتصاد الأمريكي، علماً بأن مستويات الإنفاق تشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فلا بد لنا من الحذر حيال مستقبل قطاع العمالة، نظراً لارتفاع الأصوات التي تؤكد على أن التحديات التي تقف في طريق الاقتصاد الأمريكي ستستمر لبعض الوقت، وسط استمرار تخوف أرباب العمل من خلق فرص عمل جديدة بسبب النظرة المستقبلية الغير واضحة للاقتصاد الأمريكي.
ومن الجدير بالذكر أن المعضلة الكبرى تبقي في معدلات البطالة التي لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ حوالي ربع قرن، مشيرين إلى أن معدل البطالة ارتفع خلال تشرين الثاني إلى 9.8% ليضع أمام الاقتصاد الأمريكي تحديات صعبة، وذلك مع العلم أن الفدرالي الأمريكي أعلن في آخر اجتماع له عن توقعات جديدة بخصوص التضخم والبطالة والنمو، إذ بخصوص البطالة توقع الفدرالي ن معدلات البطالة للربع الرابع من العام 2010 قد تنحصر بين 9.5 – 9.7% مقابل 9.2 – 9.5%، لتواصل انخفاضها خلال الربع الرابع من العام 2011 لتنحصر بين 8.9 – 9.1% مقابل 8.3 – 8.7.
الأمر الذي يشير بأنه لا يزال من المبكر أن نحدد متى سيتوقف نزيف القطاع الأكثر ضررا بين القطاعات والأكر تأثيرا على أداء الاقتصاد الأمريكي، واضعين بعين الاعتبار أن المعضلة الكبرى تكمن في معدلات البطالة وذلك لأن مفتاح نجاة الاقتصاد الأمريكي وخلاصه يكمن في معدلات البطالة وقطاع العمالة، ولكن البرنامج الذي أعلن عنه الفدرالي الأمريكي مع بداية تشرين الثاني يهدف إلى شراء سندات طويلة الأجل بمقدار 600 مليار دولار موزعة على 75 مليار دولار شهريا بدورها قد تعمل على رفع كفاءة البنوك في مسألة الإقراض بالنسبة للمستهلكين والإقتراض بالنسبة للبنوك بين بعضها البعض، ناهيك عن مسألة تعزيز الاستثمارات لخلق فرص عمل أكثر.
وأخيرا نشير بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بعيدا عن تحقيق التعافي التام من المرحلة الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، حيث من المؤكد سيلزمه المزيد من الوقت ليستقر ويصل إلى بر الأمان، ولذلك اضطر البنك الفدرالي أن يعيد إحياء سياسة التخفيف الكمي التي اتبعها خلال فترة الركود وذلك لتجنيب الاقتصاد من أزمة جديدة أو تعثر آخر...