نقف على أعتاب افتتاح ختام جلسات الأسبوع عزيزي القارئ، مشيرين إلى أن اليوم يحمل في طياته الكثير من البيانات المهمة والتي تسيطر على أذهان المستثمرين مركّزة على مستويات التضخم ما إذا سترتفع قليلا أو ستبقى كما وصفها البنك الفدرالي مسبقا بأنها تحت السيطرة، ناهيك عن بيانات مستويات الدخل والإنفاق الشخصي، بالإضافة إلى البيانات الصادرة عن قطاعي الصناعة والمنازل.
نستهل البيانات الصادرة عزيزي القاري بمستويات الدخل والإنفاق الشخصي الأمريكيان واللذان سيصدرا في وقت لاحق اليوم وذلك عن شهر آب، حيث من المتوقع أن يرتفع الدخل الشخصي خلال آب بنسبة 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2%، أما الإنفاق الشخصي فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا خلال الشهر نفسه بنسبة 0.3% أيضا مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.4%.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي فقد بعضا من عزمه بالنسبة لعجلة تعافيه من الأزمة الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي أثر على النشاطات الاقتصادية في مختلف القطاعات، وبالتالي انعكس على مستويات الإنفاق والدخل لدى المستهلكين، وذلك مع العلم أن مستويات الإنفاق لا تزال أصلا ضعيفة، وذلك مع الضعف الجاري على النشاطات الاقتصادية ككل، وهذا ما لاحظناه في مختلف القطاعات الرئيسية خلال الأشهر الماضية.
كما أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي الذي صدر خلال يوم أمس أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي نما خلال الربع الثاني بنسبة 1.7%، مقارنة بالربع الأول الذي شهد نموا بنسبة 3.7%، مسلطين الضوء على أن الاقتصاد الأمريكي قد يواصل مرحلة تباطؤه خلال الفترة المقبلة من هذا العام، وذلك على إثر معدلات البطالة التي لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني، واللذان يقفا شوكة في حلق الاقتصاد الأمريكي، هذا بالإضافة إلى مسألة انتهاء البرامج والخطط التحفيزية التي كانت متنفسا لمستويات الإنفاق خلال فترة إطلاقهم.
ومنتقلين إلى البيانات التي لا تقل أهمية عن مستويات الدخل والإنفاق، والتي تتمثل في عنوان "مستويات التضخم" وهنا يتحول تركيز المستثمرين نحو مستويات التضخم والتي ستظهر بالشكل الأدق في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري، حيث يعد ذلك المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس مستويات التضخم، حيث من المتوقع أن يثبت المؤشر على الصعيدين الشهري والسنوي عند القراءة السابقة التي بلغت 0.1% و 1.4% على التوالي، بينما من المتوقع أن تثبت نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط خلال الشهر نفسه عند القراءة السابقة التي بلغت 1.4%.
وهنا نشير أيضا إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يقاوم العوائق التي تقف أمامه محاولا التخلص منها أو تقليص حدة تأثيرها على الأقل، والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني التي تحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة، وهنا يأتي تأثيرها على الدخل الشخصي الذي ينعكس سلبا بالتالي على الإنفاق الشخصي، مهددا النمو الاقتصادي، مذكّرين أن إنفاق المستهلك يشكل ما يقارب ثلثي النمو في الولايات المتحدة الأمريكية.
والجدير بالذكر عزيزي القارئ أن البنك الفدرالي تطرّق في قرار الفائدة الذي أعلن عنه منذ أسبوعين إلى مسألة سياسة الاقراض لدى البنوك الأمريكية، حيث أشار الفدرالي الأمريكي أنه قد يمد يد العون للاقتصاد في حال استدعت الحاجة فقط، مشيرا في وقت سابق أنه سيغلق مراكز سندات الخزينة وإعادة فتحها مجددا، وبالإضافة إلى أنه سيعيد استثمار الأموال المحصلة من برنامج شراء الديون وشراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية في السندات طويلة الأمد.
وبعدها سيكون الموعد مع مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين الذي سيصدر عن شهر أيلول، حيث من المتوقع أن ترتفع الثقة في القراءة النهائية للمؤشر لتصل إلى 67.0 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 66.6، وذلك مع التوقعات التي تشير بأن معدلات البطالة قد تنخفض مع نهائية العام الحالي.
أما بالنسبة لقطاع الصناعة، سيصدر عن معهد التزويد التقرير الصناعي الذي من المتوقع أن يشير بأن الأوضاع في قطاع الصناعة لا تزال صعبة نوعا ما، حيث من المحتمل أن ينخفض المؤشر إلى 54.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 56.3، مع العلم أن القطاع لا يزال يواصل توسعه، إلا أنه فقد بالطبع بعضا من عزمه خلال الفترة القليلة الماضية.
أما قطاع المنازل فيأتي بآخر بيانات اليوم، حيث سيصدر عن القطاع مؤشر الإنفاق على المنازل الذي من المتوقع أن يتقلص الإنخفاض فيه خلال آب لينخفض المؤشر بنسبة 0.4% مقارنة بالانخفاض السابق الذي بلغ 1.0%، مشيرين إلى أن الأوضاع في قطاع المنازل لا تزال ضمن حالة اضطراب.
ومع هذا كله يبقى الاقتصاد الأمريكي بعيدا نوعا ما عن التعافي التام، حيث سيلزمه بالتأكيد المزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار بداية ومن ثم الوصول إلى بر الأمان، وذلك لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011، حيث يرى الكثير من المحليين أن فترة الركود التي مرت على الاقتصاد الأمريكي كانت أسوأ مما اعتقد الجميع...