يفصلنا يوم واحد عزيزي القارئ عن ختام تداولات الأسبوع والبيانات الهامة بصدد السطوع على الساحة الاقتصادية الأمريكية، حيث أن الاقتصاد الأمريكي يواصل سيره نحو بر الأمان، مشيرين أن البنك الفدرالي وصف هذا العام بأنه عام التعافي للاقتصاد الأكبر في العالم – الاقتصاد الأمريكي – وذلك على الرغم من أن العقبات التي لا تزال تقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود.
وبالحديث عن البيانات الصادرة اليوم عن الاقتصاد الأمريكي فنبدأها بقطاع العمالة الذي لا يزال يستحوذ التركيز الأكبر من قبل الاقتصاد الأمريكي ككل من مستثمرين وحكومة وحتى البنك الفدرالي نفسه، حيث سيصدر اليوم تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص والذي من المتوقع أن يشير إلى وظائف مضافة خلال أيار تصل إلى 70 ألف وظيفة مقارنة بالإضافة السابقة التي بلغت 32 ألف وظيفة.
واضعين بعين الاعتبار أن المستثمرين في الولايات المتحدة قد ينظرون إلى بيانات اليوم كمؤشر أو دليل على أن قطاع العمالة بشكل خاص والاقتصاد الأمريكي بشكل عام يواصل مرحلة تعافيه، إلا أن التركيز الأكبر سينصب على تقرير العمالة الذي سيصدر يوم غد الجمعة، في حين لا تزال العقبات تواجه الاقتصاد الأمريكي متمثلة في معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني التي واصلت الإلقاء بظلالها السلبية على النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية.
وبعدها سيصدر عن قطاع العمالة أيضا وكما عودتنا وزارة العمل الأمريكية أسبوعيا طلبات الإعانة والتي من المتوقع أن تنخفض بشكل طفيف للأسبوع المنتهي في التاسع والعشرين من أيار لتصل إلى 455 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 460 ألف طلب، بينما من المتوقع أن ترتفع إلى 4610 ألف طلب للأسبوع المنتهي في الثاني والعشرين من أيار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4607 ألف طلب.
وهنا يجب أن لا نغفل مسألة بغاية الأهمية، وهي أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال ضمن مواجهة ضروس مع العقبات التي تقف أمامه والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، ناهيك عن موضوع انقضاء البرامج والخطط التحفيزية التي كانت تهدف إلى تعزيز مستويات الإنفاق لدى المستهلكين، حيث أن تلك العقبات تؤثر بدورها على النمو الاقتصادي بشكل سلبي، مما يضع الاقتصاد الأمريكي بين القيل والقال.
ولكن من المتوقع بالمقابل أن يشير تقرير العمالة الأمريكي الذي سيصدر يوم غد أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة ما يقارب 500 ألف وظيفة مقارنة بالإضافة السابقة التي بلغت 290 ألف وظيفة خلال نيسان، كما من المحتمل أن ينخفض معدل البطالة إلى 9.8% خلال أيار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 9.9%، وهذا ما قد يدعم الثقة في الاقتصاد وبالتالي منعكسا على مستويات الإنفاق خلال الفترة المقبلة والتي من المؤكد ستترجم إلى نمو أعلى، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما سيصدر أيضا عن الاقتصاد الأمريكي القراءة النهائية لكل من مؤشر الإنتاجية وتكلفة وحدة العمالة عن الربع الأول، حيث من المتوقع أن ترتفع الإنتاجية بنسبة 3.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 3.6%، كما من المتوقع أن يتقلص إلى -1.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -1.6% أيضا خلال الربع الأول، وهذا ما يثبت ما جاء به البنك الفدرالي في آخر محضر اجتماع للجنة الفدرالية، وهو أن الاقتصاد الأمريكي سيشهد نموا بوتيرة "تدريجية ومعتدلة" خلال الربعين القادمين من هذا العام.
ومن ثم تنتقل بنا البيانات إلى قطاع الخدمات، حيث يصدر معهد التزويد تقريره الخدمي، إذ من المتوقع أن يشير قطاع الخدمات إلى مواصلة في التوسع ليصل المؤشر إلى 55.6 خلال أيار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 55.4، مشيرين إلى أن قطاع الخدمات بات يمشي يدا بيد مع قطاع الصناعة ليدعمان النشاطات الاقتصادية ككل.
وأخيرا سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر طلبات المصانع الذي من المتوقع أن يرتفع إلى 1.8 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.3، واضعين بعين الاعتبار أن النشاطات الاقتصادية شهدت تحسنا ملحوظا خلال الفترة الماضية بالرغم من التباين الذي شوهد في بعض القطاعات الرئيسية، حيث يبقى الاقتصاد ضمن المسار الصحيح نحو التعافي، ولا ينبغي لنا أن نتوقع حدوث معجزة للاقتصاد أو نقلة فجائية للخروج من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم.