تشير التوقعات إلى تراجع النمو الاقتصادي في الصين خلال الربع الثاني، نتيجة لانتهاج الحكومة الصينية سياسات تضييقية لاحتواء التضخم الذي أصبح يشكل هاجسا خطيرا على الاقتصاد الصيني، الأمر الذير أدى إلى تراجع مستوى أداء القطاع الصناعي.
من ناحية أخرى صدر عن اقتصاد الصين قراءة مدراء المشتريات الصناعي لشهر أيار حيث جاء مسجلا ارتفاع بمستوى 52.0، مقارنة بالقراءة السابقة التي سجلت مستوى 52.9 خلال نيسان، في حين أشارت التوقعات مستوى 51.7.
جاء مؤشر مدراء المشتريات الصناعي مسجلا مستوى أعلى من 50 نتيجة تعافي القطاع الصناعي الصيني بشكل طفيف خلال أيار، حيث حرصت السياسة النقدية في الصين على الموازنة بين معدلات النمو و معدلات التضخم المرتفعة.
في غضون ذلك، نشير أن الناتج المحلي الإجمالي جاء مسجلا اتساعا خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام بنسبة 9.7% بأعلى من التوقعات، نتيجة ارتفاع مستوى الصادرات الصينية، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الخام و أسعار الطاقة التي زادت من حجم أرباح الشركات الصينية.
في هذا الإطار نشير أن أسعار المستهلكين في الصين سجلت أعلى معدلاتها منذ عامين متخطية الحدود المستهدفة، الأمر الذي استدعى زيادة أسعار الفائدة للمرة الرابعة منذ تشرين الأول من 2010، لاحتواء التضخم و محاولة سحب سيولة نقدية كبيرة من الأسواق، لشدة خطورة ارتفاع الأسعار في الصين التي لا تتناسب مع طبيعة المجتمع الصيني الذي لا يتحمل زيادات في السلع الأساسية.
من ناحية أخرى كان من الضروري رفع أسعار الفائدة وإيجاد وسائل وقائية جديدة لاحتواء التضخم في الصين، ولكن الأخطر من ذلك أنه في حالة تراجع معدلات النمو عن حد معين سيشكل هذا عاملا خطيرا أيضا على الاقتصاد الصيني الذي لا يتحمل تراجع في معدلات النمو، على أمل أن تستطيع السياسة النقدية إحداث توازن بين معدلات النمو و التضخم.
وسط الوسائل المتبعة من قبل الحكومة الصينية أنها طالبت البنوك الصينية للمرة الثالثة خلال هذا العام بزيادة الاحتياطي النقدي لديها، خصوصا بعد أن شكلت البنوك الصينية و منها على سبيل المثال البنك الزراعي التجاري الصيني معدلات أرباح مرتفعة جدا ساهمت في رفع الناتج المحلي الإجمالي من ناحية و في رفع معدلات التضخم من ناحية أخرى.
تواجه الحكومة الصينية مأزقا كبيرا حيث أنها تحارب في اتجاهين متضادين في الاتجاه، نتكلم هنا عن الاحتفاظ بمعدلات نمو مرتفعة و احتواء التضخم من الجهة المقابلة.
في هذه الأثناء نشير أن القطاع الصناعي الصيني سجل تحسنا خلال الأشهر السابقة، نتيجة ارتفاع الطلب من قبل شركاء الصين التجاريين الأساسيين، حيث ساهم القطاع الصناعي في توسع اقتصاد الصين بنسبة 9.7% خلال الربع الأول.
أخيرا نشير السياسات التضييقية المتبعة من قبل الحكومة الصينية من المنتظر منها أن تحتوي معدلات التضخم المرتفعة، وأن لا تؤثر على مسيرة النمو الاقتصادي في الصين في نفس الوقت و هنا تكمن المعضلة، ذلك لمدى خصوصية الاقتصاد الصيني الذي لا يمكن أن يستغني عن معدلات النمو المرتفعة التي هي من أساس تكوينه، والأخطر أنه قد يتخلى عن السياسات التضييقية في حالة تدهور معدلات النمو و تراجعها عن المعدلات التي تتناسب مع السياسة النقدية الصينية.