صدر عن وزارة التجارة الأمريكية اليوم تقرير الميزان التجاري مغطيا شهر نيسان مشيرا إلى توسع العجز بأعلى مستوى لها خلال عام ولكن بأدنى من التوقعات وذلك على إثر ارتفاع الدولار الأمريكي خلال الفترة الماضية، الأمر الذي أثقل كاهل الصادرات الأمريكية، في حين أن ارتفاع أسعار الواردات تواصل تأثيرها بتوسع العجز التجاري نظرا لتحسن مستويات الطلب بشكل طفيف.
حيث توسع العجز في الميزان التجاري خلال نيسان واصلا إلى 40.3 مليار دولار امريكي مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 40.0 مليار دولار كعجز وبأدنى من التوقعات التي بلغت 41.0 مليار دولار امريكي، مشيرا التقرير إلى انخفاض الصادرات بنسبة 0.7% لتصل إلى 148.807 مليار دولار، إلا أن ارتفاع الواردات لا تزال تشكل الضغط على الميزان التجاري الأمريكي، حيث انخفضت الورادات بنسبة 0.4% لتصل إلى 189.092 مليار دولار أمريكي.
مشيرين إلى أن العجز في الميزان التجاري الحقيقي شهد توسعا أيضا ليصل إلى 44.326 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق الذي بلغ 44.088 مليار دولار، في حين أن تقرير الميزان التجاري أظهر أيضا أن أسعار واردات الطاقة انخفضت بنسبة -1.9% لتصل إلى 0.454 مليار دولار مقارنة بالارتفاع السابقة التي بلغت 12% الذي وصل إلى 2.523 مليار دولار أمريكي.
إلا أن مستويات الطلب على مستوى العالم لا تزال بعيدة نوعا ما عن التعافي التام، حيث أن معدلات البطالة المرتفعة في العالم أثقلت كاهل مستويات الطلب بالنسبة للمستهلكين، إلا أن بوادر التعافي التدريجي بدأت بالظهور خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث بدأت مستويات الطلب بالتحسن نوعا ما خاصة في المناطق الأسيوية، إذ أن التوقعات تشير إلى أن المنطقة الأسيوية ستكون المالكة لمفتاح الخلاص بالنسبة لمستويات الطلب عالميا، إلا أن الوضع المتشائم الذي مرت به المنطقة الأوروبية خلال الفترة الماضية ساهم في اهتزاز ثقة المستثمرين بخصوص التطلعات المستقبلية للاقتصاد العالمي وبخصوص مرحلة تعافيه التي تأثرت خلال الفترة القليلة الماضية، الأمر الذي أثر بالسلب على صادرات البضائع الأمريكية والتي قادت إلى توسع العجز.
هذا بالإضافة إلى أن تقرير كتاب بيج الذي صدر يوم أمس الأربعاء أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي يواصل سيره نحو التعافي ولكن بوتيرة "معتدلة"، الأمر الذي يشير بأن مستويات الطلب الإنفاق قد يشهدا تباطؤا خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهذا ما قد ينعكس أيضا على النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
كما أن التحديات لا تزال تقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي، واضعين بعين الاعتبار أن السيد برنانكي رئيس البنك الفدرالي أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد يواصل سيره نحو التعافي من أسوأ أزمة مالية منذ عقود، إلا أن المعضلة الكبرى تكمن في قطاع العمالة بشكل عام وبمعدلات البطالة بالتحديد، حيث أنها لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ ما يزيد عن ربع قرن.
كما أصدرت وزارة العمل تقريرها الأسبوعي بخصوص طلبات الإعانة، حيث انخفضت طلبات الإعانة للأسبوع المنتهي في الخامس من حزيران إلى 456 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 459 ألف طلب ولكن بأعلى من التوقعات التي بلغت 450 ألف طلب، في حين انخفضت طلبات الإعانة المستمرة للأسبوع المنتهي في التاسع والعشرين من أيار إلى 4462 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4717 ألف طلب وبأعلى أيضا من التوقعات التي بلغت 4640 ألف طلب.
مشيرين إلى أن قطاع العمالة الأمريكي يسعى جاهدا إلى تحقيق الاستقرار وسط الاضطراب في الأوضاع الاقتصادية، حيث أشار تقرير العمالة السابق إلى أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة 431 ألف وظيفة خلال أيار وذلك مع ارتفاع حدة التوظيف، كما وانخفضت معدلات البطالة خلال الشهر نفسه إلى 9.7% مقابل 9.9%، وبالتالي فإن قطاع العمالة سيحتاج المزيد من الوقت ليحقق الاستقرار التام إلى حين الوصول إلى معدلات النمو على المدى البعيد بحلول النصف الثاني من العام 2011.
وبالنسبة للاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، وهو الاقتصاد الكندي، فقد صدر عنه اليوم مؤشر تجارة البضائع الدولية والذي ارتفع خلال شهر نيسان إلى 0.2 مليار دولار كندي مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.2 مليار دولار كندي ولكن بأدنى من التوقعات التي بلغت 0.6 مليار دولار كندي.
حيث أن ارتفاع أسعار النفط أثر على الاقتصاد الكندي، حيث أن كندا تعتبر من أكبر دول العالم تصديرا للنفط والتي تتأثر بأي ارتفاع لأسعار النفط الخام، هذا بالإضافة إلى ارتفاع الدولار الكندي والذي أثر على الصادرات الكندية، في حين أن تحسن الأوضاع في كندا ساهم في تعزيز النشاطات الاقتصادية هناك متأثرة أيضا من الالتصاق الاقتصادي مع الولايات المتحدة.
واضعين بعين الاعتبار أن كندا لا تزال أمام تحديات، حيث أن معدلات البطالة لا تزال مرتفعة، مشيرين إلى أن كندا تعتمد بالشكل الأكبر على الصادرات وبالتالي هي بحاجة إلى تعافي عالمي، كما أشار البنك المركزي الكندي إلى أن التعافي العالمي لا يزال يواجه التحديات، وبالتالي قلص البنك المركزي توقعات نمو الاقتصاد الكندي لينحصر ضمن نسبة 3.1% خلال العام المقبل ليكمل هبوطه خلال العام 2012 في حين أشار البنك المركزي إلى أن نمو الاقتصاد الكندي سيتشكل من ارتفاع الأنشطة الاقتصادية في كل من قطاع المنازل والدعم المقدم من الحكومة الكندية وأيضا قطاع العمالة بالتأكيد.
وعلى ما يبدو وأن الاقتصاد الكندي سيتبع خطى الاقتصاد الأمريكي نحو التعافي ليصل إلى النمو على المدى البعيد خلال العام المقبل، وذلك على الرغم من الاحتمالية الكبرى التي تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيتوسع بشكل أسرع من نظيره الكندي...