برشلونة، 8 يونيو/حزيران (إفي): اعترف الكاتب والفيلسوف الفرنسي الشهير إريك إيمانويل شميت بأنه يحسد المهاجرين على "القوة والجرأة والجسارة التي يتمتعون بها" والتي جسدها في روايته الجديدة "أوليس من بغداد".
وقال شميت في تصريحاته لوكالة الأنباء الإسبانية (إفي): "أشعر بشيء من الغبطة لقوة الحياة التي يعيشها المهاجرون الذين يقلهم قارب في رحلة مليئة بالبؤس ليتمكنوا من الدخول في عالم يعج بالاستغلال في العمل، وابتزازات المافيا والظروف الدونية، ليصبح ذلك حقيقة أوروبا التي يفضل الأوروبيون تجاهلها".
وفي "أوليس من بغداد"، يقدم الكاتب الفرنسي بطل القرن الحادي والعشرين، وهو مهاجر غير شرعي من العاصمة العراقية بغداد يهرب من الفوضى والحرب منجذبا إلى الحرية التي يبيعها الغرب كسلعة استهلاكية.
ويستعين بطل الرواية، واسمه سعد، الذي يحمل معنيين متناقضين فهو أمل في العربية وحزن في الإنجليزية، بنصائح والده الراحل في تذليل العقبات التي تصادفه خلال رحلته.
ورحلة سعد بلا عودة حيث ان "الهوية أصبحت حاليا ثمرة إحدى الرحلات الفردية" ولا يعني فيها الرجوع إلى المنزل أية قيمة إضافية لأن الأحلام يتم تحقيقها في الغرب.
كما أن حياة سعد بالنسبة لمؤلف روايته تعتبر سخرية كبيرة، وتمثل إحباط من ينتظر كل شيء من الغرب ولكنه يصطدم في حائط البيروقراطية، والظلم، وعدم المساواة الذي يضع المهاجر في تصنيف أدنى ضمن الفئات الإنسانية، وداخل دائرة الشك للاشتباه في كونه أحد المجرمين.
ويعترف شيمت أنه يعيش تجربة مماثلة لتجربة سعد في نقاط التفتيش في الموانئ، قائلا: "أضطر أن أقنع نفسي بأنني لم أرتكب جرما، وأنني دفعت كافة الضرائب ولا أحمل بحوزتي مخدرات".
ويضيف مسرعا: "ولكن على الرغم من شعوري بأنني مشتبه فيه، إلا أنني لا أملك أبدا الجرأة التي يتحلى بها المهاجر غير الشرعي لأنني التزم بالقانون تماما".
ويتابع: "لحسن الحظ ليس هناك أية نقاط مشتركة تجمعني ببطل روايتي، وهو الأمر الذي يولد مزيدا من اللطف والإعجاب لأنه بطل عصري مثلما كان أوليس في العالم الكلاسيكي".
جدير بالذكر أن شيمت يقوم برحلة في كندا بالتزامن مع انتخابات البرلمان الأوروبي، ولكنه أكد أنه كان قد أوصى أحد أقاربه بإيداع صوته في الصناديق تخوفا من "أن يستغل المتطرفون اليمينيون الأزمة في تقديم تفسيرات بسيطة وسهلة الفهم لشعب يعيش مشكلات معقدة".
ويرى الكاتب الفرنسي الشهير أنه ليس هناك صدام حضارات مثل الذي يدعونه بعض الساسة والمفكرين، مضيفا أن "ما يوجد هو قاعدة عالمية ذات خصائص محددة".
وأعرب شيمت عن أمله في أن تتجسد حياة سعد في فيلم سينمائي مثلما حدث مع روايته "زهور القرآن" أو في عمل مسرحي.
جدير بالذكر أن أعمال شيمت قد تمت ترجمتها وتجسيدها في أكثر من ثلاثين دولة. (إفي)