فتح الباب على مصراعيه للقطاع الخاص بشرط إشراف الحكومة
فى وقت سابق من هذا العام عانت كيب تاون، فى جنوب افريقيا، نقصاً حاداً فى المياه، وفى أحد الأيام انقطعت المياه عن المدينة كاملة.
ويعد العام الجارى رابع أكثر الأعوام جفافاً، ولم يكن ذلك مفاجئاً. وأدت موجة الحر والجفاف فى أوروبا إلى تدمير المحاصيل، ويمكن أن تؤدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وقد اشتعلت النيران فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية مرة أخرى، فى حين شهدت اليابان عشرات الوفيات؛ بسبب الحرارة الشديدة.
يوضح أليكس مونج، رئيس المبادرة المائية فى المنتدى الاقتصادى العالمى، أن هذا هو الواقع الجديد، فالجيمع يرى آثار الجفاف ودرجات الحرارة الساخنة بشكل غير طبيعى فى جميع أنحاء العالم.
وتكررت هذه السيناريوهات من قبل فى ساو باولو بالبرازيل، وهذا العام فى سيدنى؛ حيث انخفضت المياه إلى مستويات قياسية، ما يثير أسئلة عاجلة حول أمن إمدادات المياه فى المدن.
ويشير التقرير إلى أن المياه مقومة بأقل من قيمتها بشكل مزمن، وفى بعض الحالات لا يتم تقييمها على الإطلاق، فمن خلال تضمين قيمتها الحقيقية من النواحى المالية والاجتماعية والبيئية عند صنع السياسات والحوكمة والتقارير المالية والمخاطر يمكننا غرس عقلية أفضل.
فعلى سبيل المثال، يمكن تضمين معالجة مياه الصرف الصحى، وإعادة استخدامها فى خطط المستقبل، مستغلين الطفرات التكنولوجية الهائلة.
ويجب أولاً حل مشكلة الحصول على البيانات لتحديد مسار التحرك بدقة خاصة عندما يبلغ عدد سكان الأرض عشرة مليارات نسمة فى العقود القادمة سيكون رصد البيانات أمراً صعباً فيما يتعلق بكيفية عمل أنظمة المياه. وترسم البيانات صورة كاملة وحديثة عن العرض والطلب، والوصول إلى فهم للاحتياجات والبدائل المتنافسة. ويمكن الحصول عليها من تقنيات الأقمار الصناعية المتطورة.
فى قطاع الزراعة، تظهر شركات مثل مايكروسوفت كيف أن الرى الدقيق باستخدام أجهزة الاستشعار الذكية فى الحقول يمكن أن يعطى معلومات عن ظروف التربة.
ويمكن تحليل بيانات المحاصيل القادمة من صور الطائرات بدون طيار، بينما يؤدى استخدام الذكاء الصناعى دوراً حيوياً فى تفسير البيانات، ووضع خريطة نموذجية حرارية لمنطقة المحاصيل تساعد على ضمان استخدام المياه على النحو الأمثل فى إنتاج الغذاء.
وتعتبر تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة فى طور الصعود مثل التعلم الآلى والذكاء الصناعى وأجهزة الاستشعار المتقدمة وصور الأقمار الصناعية، والروبوتات وغيرها، لكنها جميعاً تشترك فى قدرتها على توفير ثروة من البيانات التى لم يكن من الممكن الحصول عليها سابقاً حول أنظمة المياه على المستوى العالمى والإقليمى ومناطق تجمعات المياه محلياً.
ويمكن وضع أنماط جديدة لأشكال من التعاون بين القطاعين العام والخاص تقوم بدور هذه التقنيات فى دعم صناعة القرار فى القطاع بالشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى، ما يحقق التوازن بين المصالح، ويحدد الأولويات المشتركة، ويقدم خيارات استثمارية أكثر ذكاء.
ويعتقد المنتدى الاقتصادى العالمى، أن الاستفادة من تقنيات المياه الجديدة لا يمكن تركها للشركات الناشئة ومسرعات الأعمال والمستثمرين وحدهم؛ لأنه فى النهاية البحث عن المال هو الدافع الأصيل لديهم، فهناك حاجة ماسة إلى إجراء بحث جديد لاستكشاف آثار التكنولوجيا الناشئة فى مجالات تتراوح من إدارة النظم الإيكولوجية إلى الصرف الصحى والكشف عن مخاطر المياه.
ووسط كل ذلك يجب أن تظل الحكومات فى قلب أجندة الابتكار فى مجال المياه فهى مسئولة فى النهاية عن ضمان تطوير التقنيات بطريقة مسئولة أيضاً، ويستدعى ذلك من السلطات العامة تطوير أطر سياسة جديدة لكيفية اختبار التقنيات الناشئة وصقلها فى ظل دورها الرقابى.
ومن المهم تفعيل اى تكنولوجيا حديثة بزيادة دورها وامتصاصها فى السوق وإقرار تطبيقاتها على جميع المستويات لمزيد من نشر ثقافة الابتكار القوية. ويمثل عنصر الابتكار أمراً حاسماً بالنسبة لقدرة مجتمع المياه العالمى على الاستفادة الكاملة من الثورة الصناعية الرابعة.