- Investing.com تمتلك الصين أكبر احتياطي نقدي من الدولارات في العالم، حيث تبلغ قيمته أكثر من ثلاثة تريليونات دولار، كما أنها تحقق مليارات الدولارات في فائض الميزان التجاري شهريًا، لذا من الغريب أن تُعلن الصين بيع سندات بالعملة الأجنبية، خاصة إذا كانت قيمة هذا الطرح متواضعة.
أثارت الصين العديد من التساؤلات، فور إعلانها طرح سندات بقيمة 3 مليارات دولار للبيع خلال الشهر الجاري، في خطوة يرى بعض المحليين أنها تهدف إلى جذب انتباه المستثمرين الأجانب في ظل تزايد الضغوط على سوق الأسهم لديها، بالتزامن مع اشتعال التوترات التجارية بينها وبين الولايات المتحدة.
نشرت وكالة "بلومبرج" ووكالات أخرى، أن حكومة الصين استعانت باثنى عشر بنكًا من أجل إدارة عملية الطرح التي ستجرى في بورصة "هونج كونج"، والتي ضمت مجموعة من المصارف المحلية والعالمية أيضًا مثل "جولدمان ساكس" و"كريدي أجريكول" و"جيه بي مورجان" و"دويتشه بنك".
لم تُقدم الصين على طرح أي سندات أجنبية للبيع منذ عام 2004 إلا مرة واحدة في أكتوبر الماضي، عندما جمعت ملياري دولار، وشهدت عملية الطرح إقبال واسع آنذاك، إذ شكلت قيمة العروض المقدمة 10 أمثال المبلغ المستهدف من قبل الحكومة الصينية.
إلا أن الطرح هذا العام يأتي بالتزامن مع قلق المستثمرين من تداعيات التوترات التجارية مع أمريكا، حيث قالت وكالة "رويترز" إن الهدف وراء عملية بيع السندات النادرة التي أعلنت عنها الصين، هو رغبة الصين في اختبار شهية المستثمرين تجاه أسواقها في ظل التهديدات المترتبة على الرسوم الجمركية الأمريكية التي تُزيد الضغوط على الاقتصاد الأمريكي المتباطئ بالفعل.
كما نقلت الوكالة عن مصادر مطلعة على الخطط بوزارة المالية، إن حكومة الصين تستهدف المستثمرين بسندات لأجل 5 سنوات وعشر سنوات وثلاثين سنة، ويعتقد المحللون أن بكين تريد إظهار قوة جدارتها الائتمانية في ظل الصراع التجاري مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، بعدما باعت سندات العام الماضي بالرغم من تخفيض تصنيفها من قبل وكالتي "ستاندرد آند بورز" "موديز".
من المتوقع أن يحظى هذا الطرح بإقبال قوي نظرًا لندرة مبيعات الدين الصين، ومن المرجح أيضًا أن تقدر كل فئة بنحو مليار دولار، ولكن بالرغم من التوقعات المتفائلة ستجد الصين صعوبة في تحقيق نفس القبول التي حققته العام الماضي، بسبب التهديدات الهبوطية التي تحيط باقتصادها.
يرى المحللون وخبراء الاقتصاد، أن المستثمرين سيلجأون إلى السندات التي أصدرتها بكين العام الماضي، والتي حملت نفس الشروط المقرر اتباعها في الطرح الجديد، كما أن السندات الكورية الجنوبية لأجل 30 عام لتقييم هذا الطرح.
وقال "ستيوارت أور" الأستاذ بكلية التجارة والقانون في جامعة "ديكين" الأسترالية، إن طرح الصين سندات دولارية للبيع يعد إشارة إلى قدرتها على زيادة معدلات الاقتراض الأمريكي من خلال بيع حيازتها من سندات الخزانة، مشيرًا إلى أن بكين سعت بكل الطرق للحفاظ على استقرار اليوان، لذا سيكون من المقبول والضروري استغلال حيازتها تلك في ضمان استقرار الاقتصاد.
وأشار "أور" إلى أن مبيعات السندات الأمريكية من الممكن أن تدعم قيمة اليوان، مما يدعم محاولات "ترامب" لتحقيق التوازن التجاري بين واشنطن وبكين، وبالرغم من ذلك فإن هذا سيؤدي إلى زيادة تكلفة السلع التي تستوردها أمريكا من الصين، كما سترتفع أسعار المنتجات التي تحتوي على مواد خام صينية.
ويرى "أور" أن هذه الخطوة قد تزيد مخاوف المستثمرين في أمريكا، التي خافت طويلًا استخدام الصين سندات الخزانة الأمريكية في محاولة تعزيز اقتصادها، كما سيلتفت المصنعون الأمريكيون إلى زيادة تكاليف الاقتراض في بلادهم، في الوقت الذي تحاول فيه الصين الوصول إلى رأس المال الأجنبي بفائدة جذابة.