Investing.com- خلال العقود الثلاثة الماضية حققت الصين معدلات نمو قياسية، ونجحت في خلق اقتصاد قوي، وصار ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هذا الأمر كان له تكلفته الأكيدة، بزيادة هائلة في الديون، التي أصبحت تهدد التجربة الصينية بالتراجع وربما بالفشل.
نمت الديون الصينية بشكل متسارع منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث ارتفعت من 171% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي حينها إلى ما يقرب من 300% خلال العام الجاري، وتشير التقديرات الرسمية إلى 260% أما صندوق النقد الدولي فقدرها بـ 235%.
وصل إجمالي ديون بعض الدول المتقدمة إلى حوالي 400%، وبلغ متوسط النسبة في الدول النامية حوالي 130%، وبذلك تكون الصين في منطقة وسط بين الطرفين بديون أكبر من الدول النامية وأقل من تلك المتقدمة.
وبالنظر إلى الديون الصينية، سنجد أن ديون الشركات غير المالية تستحوذ على النصيب الأكبر بنسبة تصل إلى 160% من الناتج المحلي، وتأتي الديون الحكومية في المرتبة الثانية بنسبة قدرها 46%، وتتقاسم الشركات المالية والقروض الشخصية وقروض الإسكان النسبة الباقية والتي تبلغ 93%.
يرى المحللون أن السبب الأساسي وراء تسبب الأزمة المالية في زيادة الديون الصينية، ليس التأثر المباشر لبكين نفسها، ولكن التوسع الصيني في الاستثمار والإقراض في العديد من المناطق، وخاصة في جنوب شرق أسيا الذي يعد محيطها المباشر، وقارة أفريقيا التي تعد منجم ثرواتها الطبيعية.
وهذا دليل على أن تداخل الأغراض السياسية مع الاقتصاد مع أهم العوامل التي تعترض طريق الصين، بما يتسبب في خسائر ضخمة للأخيرة، وخاصة في ظل معاناة شركائها السياسيين من أوضاع اقتصادية سيئة، وربما يكون هذا هو ما دفع بكين إلى الإنفاق لإنقاذ الشركاء السياسيين المتعثرين، سواء كان ذلك في فنزويلا، والتي قدرت مجلة "فوربس" الأمريكية حجم المساعدات الصينية لها على مدى عقد ونصف العقد بأكثر من 60 مليار دولار.
وحذرت "فوربس" من استمرار نمو الديون الصينية، لأنه سيؤثر لاحقًا على الاقتصاد العالمي وليس فقط على الاقتصاد الصيني، حيث إن التداخل الصيني في التجارة العالمية يفوق أية دولة أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن فإذا حدثت أزمة ديون أو أزمة بنكية في الصين فإن الأسواق العالمية ستتأثر بها سريعًا، وستكون أمريكا أكبر المتضررين منها، لأن الصين حينها ستعمل على بيع 1.2 تريليون دولار سندات أمريكية بحوزتها، كما ستضطر إلى تقليل الاستثمارات الصينية العملاقة في أمريكا.
وقالت شبكة "بلومبرج" إن الأمر الوحيد الجيد في المشكلة الصينية المتعلقة بالديون الضخمة، هو توفقها عن الزيادة خلال هذا العام، بحسب غالبية التقديرات المستقلة، وهذا يعني أنها قد تتراجع في المستقبل أو على الأقل تبقى كما هي دون زيادة.
وبدورها، حذرت "رويترز" من ثبات الديون الصينية أو حتى تراجعها، لأن هذا لن يكون أمرًا جيدًا إذا لم يستمر النمو الاقتصادي بمعدلات قوية، حيث يضمن الأخير استمرار طمأنة الأسواق للقدرة الصينية على سداد ما عليها من ديون.