- Investing.com تلجأ الشركات إلى مجموعة كبيرة من الأدوات والتكتيكات للتغلب على المنافسين، ولاجتذاب المزيد من العملاء والاستحواذ على أكبر حصة سوقية ممكنة، ومن بين هذه الأدوات "السعر"، الذي يعد السلاح الأبرز والمفضل، إلا أن لجوء إلى الشركات إلى هذا الأسلوب سرعان ما يتحول إلى "حرب أسعار".
في أغلب الأوقات، يكون الهدف وراء خفض الأسعار، هو زيادة جاذبية المنتج، إلا أن الشركات المنافسة بالطبع لن تقف مكتوفة الأيدي ترى حصتها السوقية تقل أو تضيع أمام عينها، فترد هي الأخرى بإجراءات انتقامية، وبالتالي تدخل الصناعة في دائرة صراع لا تنتهي.
تتسبب حرب الأسعار غالبًا في خلق أوضاع اقتصادية مدمرة لدخول الشركات والأفراد ولربحية الصناعة محل الصراع، ودائمًا ما يخسر جميع الأطراف، ففي هذا الصراع لا يوجد فائز، وبالرغم من ذلك مازالت حروب الأسعار شائعة ومنتشرة بصورة كبيرة.
نسبة كبيرة من الشركات التي تدخل في هذا الصراع، تكون ضحية التسرع وقلة الخبرة، فالكثير من الشركات عندما يفاجأها المنافسون بهذه الحركة، يشعرون أنهم مجبرون على الدخول في حرب أسعار، لا يعلمون متى وكيف تنتهي، على اعتبار أنه لا مفر منها.
في عام 1997، شهدت دول منطقة جنوب شرق آسيا واحدة من أقوى وأعنف الأزمات المالية، وعانت قطاعات الخدمات والمنتجات من حالة ركود شديدة، كما تعرض القطاع السياحي إلى أضرار كبيرة للغاية، وخسرت العملة الماليزية حوالي نصف قيمتها، وانخفضت تكلفة الإقامة، إلا أن معدلات إشغالات الفنادق في ماليزيا انهارت، حينها دخلت كل الفنادق الفاخرة في ماليزيا في حرب أسعار، وصارت أفخم الفنادق بماليزيا هي الأرخص على مستوى العالم، وتورطت جميع الفنادق في هذه الحرب ماعدا فندق واحد وهو "ريتز كارلتون".
قرر "جيمس ماكبرايد" المدير العام السابق للفندق، إبعاده عن هذا الصراع، وبدأ يفكر في أساليب أخرى تمكنه من إنفاذ الفندق ماليًا خلال هذه الأزمة القوية، وفي هذه الفترة، كان حجم المعروض من الغرف الفندقية الفاخرة في ماليزيا كبير للغاية، وهو ما أدى إلى تراجع أسعار الغرف بنسبة 50%.
كان "ماكبرايد" يدرك جيدًا أن نزلاء الفنادق الفاخرة، لا يهتمون بالسعر بقدر اهتمامهم بالقيمة المضافة التي يحصلون عليها، ولهذا كان يذهب إلى مطار "كوالالمبور" بصحبة شيف وعازف بيانو كل يوم حتى يستقبل السياح الذين وصلوا إلى المطار للتو بالحلويات والموسيقى وكوبونات الخصم، بل قام بجلب دولاب وسرير وتلفاز ومجموعة من المفروشات والأثاث ونصب نموذجًا لغرفة الفندق أمام السياح في المطار.
وبدأ "ماكبرايد" يفكر في أساليب لجعل السياح يشعرون بالمتعة خلال فترة إقامتهم بالفندق، فقام بتعيين موظفين مهمتهم الوحيدة صيانة أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بالنزلاء، ومساعدتهم في تنظيفها من الفيروسات والدخول إلى الإنترنت، كما قام بوضع جواله الشخصي في إعلانات الصحف، حتى يتمكن النزلاء من الاتصال به مباشرة للحجز، وبالفعل كان يتلقى أكثر من 30 مكالمة يوميًا، وكان الفندق يقدم للنزيل الذي يقيم لأكثر من 5 ليال وسادة صنعت خصيصا لأجله.
وخلال أسبوع واحد فقط من تطبيق هذه الاستراتيجية، تخلى السياح القادمون إلى ماليزيا عن 200 غرفة فندقية، كانوا قد حجزوها مسبقا في فنادق أخرى ونقلوا حجوزاتهم إلى "ريتز كارلتون" ولم يمض وقت طويل حتى أصبح مصدر نصف نزلاء الفندق هي الحملة الترويجية التي كان يقوم بها "ماكبرايد" بالمطار، وبهذا يكون قد فاز بالحرب التي لم يدخلها من الأساس.
كما يوجد طريقة أخرى من الممكن أن تجنب الشركات التورط في حرب الأسعار، ألا وهي توعية العملاء بمخاطر ضعف الجودة، وهذا ما فعلته إحدى شركات الأدوية حين كاد أن يدفعها أحد المنافسين إلى هذا الصراع.