Investing.com - شهد عام 1994 وخاصة شهر فبراير من تلك العام انعقاد القمة الثنائية بسن الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" ورئيس الوزراء الياباني "موريهيرو هوسوكاوا"، حيث انعقدت هذه القمة لحل الخلاف القائم بين البلدين تجنباً للدخول في حرب تجارية بينهم، ولكن بعد مفاوضات استمرت لعدة ساعات بات الموضوع بالفشل.
حيث كان الرئيس الأمريكي "كلينتون" يسعى خلال تلك الفترة إلى فتح اليابان أسواقها أمام المنتجات الأمريكية وخاصة السيارات، وذلك بهدف تقليل حجم العجز التجاري القائم بين البلدين والذي بلغ حينها في اليابان نحو 60 مليار دولار، ولكن في المقابل رفضت الحكومة اليابانية هذا الأمر بكل حسم.
وكان السبب الرئيسي في فشل المفاوضات بين الطرفين هو رفض الشعب الياباني والحكومة رد الجميل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفتح الأسواق أمام المنتجات الأمريكية بسبب الهجوم النووي الذي شنته الولايات المتحدة على اليابان.
ولكن أوضحت بعض التقارير أن السبب الرئيسي وراء انتعاش الاقتصاد الياباني وقفزته الكبيرة خلال تلك الفترة هي الولايات المتحدة الأمريكية وما قدمته لليابان عقب الحرب العالمية حتى بداية الثمانينات.
وكانت الاستخبارات الأمريكية قد نشرت وثائق سرية خلال عام 1993 والتي تفيد بطبيعة العلاقة بين أمريكا واليابان، حيث جاء في هذه الوثائق بأنه "يجب تسهيل دخول البضائع اليابانية إلى الولايات المتحدة"، بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة بالاستعانة باليابان في القطاع التجاري والإمدادات التي تحتاجها القوات المسلحة الأمريكية في تلك الفترة، وأيضاً استخدام البضائع اليابانية بهدف مساعدة الولايات المتحدة إلى الدول الأخرى.
وفي وثيقة سرية للاستخبارات الأمريكية خلال عام 1953 أوضح مجلس الأمن القومي خلالها أن فتح الأسواق الأمريكية أما البضائع اليابانية لا بد منه تجنباً لاستمرار انهيار الاقتصاد وانخفاض مستوى المعيشة الياباني.
وخلال عام 1954 قال وزير الخارجية الأمريكي "جون دالاس" للرئيس "أيزنهاور" ومجلس الوزراء الأمريكي أنه لا بد إقامة اتفاقات تجارية دولية تميز اليابان عن غيرها من الدول، وذلك من أجل جذب اليابان نحو السوق الأمريكي في تلك الفترة.
كما أن سفارة الولايات المتحدة في طوكيو ناشدت الحكومة اليابانية بتقليل واردتها من السلع الاستهلاكية، والسعي في استيراد سلع أخرى يمكن أن تستخدم كمدخلات لإنتاج سلع أخرى تقوم اليابان ببيعها في الأسواق الأجنبية.
وعلاوة على ذلك، فقد بدأت الولايات المتحدة مساعدة اليابان على تأسيس مجموعة من السياسات والأنظمة الاقتصادية الحمائية والتي تميز المنتجات الأمريكية عن أي منتج أخر أجنبي، كما أن الجهات التنظيمية الأمريكية بدأت في مساندة الشركات اليابانية، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة فشلت في إجبار اليابان على استثمار الشركات الأمريكية في الأسواق اليابانية.
بالإضافة إلى تقديم الولايات المتحدة معونات سنوية إلى اليابان بلغت نحو 750 مليون دولار، كما ناشدت الولايات المتحدة أيضاً البنك الدولي الموافقة على قروض إعادة الإعمار التي حصلت عليها اليابان.
وفي المقابل بدأت الولايات المتحدة تعتقد بأن المنتجات اليابانية ليست بالجيدة لدخولها إلى السوق الأمريكي، حيث طالب وزير الخارجية الأمريكي اليابان بالتوجه إلى منطقة شرق آسيا لبيع منتجاتها بدلاً من الولايات المتحدة، وذلك لعدم قدرتها على المنافسة في السوق الأمريكي.
ولكن في الوقت نفسه طالب الرئيس الأمريكي "أيزنهاور" المصنعين الأمريكيين بشراء المنتجات اليابانية، حتى لو لم تكن بالجيدة ولن تقدر على المنافسة في الأسواق، وذلك بسبب قلقه من وقوع اليابان تحت دائرة الشيوعية.
وعلى الرغم من تقديم الولايات المتحدة كل هذه المساعدات إلى اليابان حتى يستعيد اقتصادها النمو والانتعاش، إلا أن اليابان لم تقدر أي من هذه الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لمصلحتها.
حيث أشار وزير الخارجية الأمريكي "دالاس" برقية خلال 1953 تفيد بأن اليابانيين لا يشعرون بأي التزام عليهم أمام الولايات المتحدة بالرغم من أنهم يطلبون المزيد من المساعدات والخدمات من الجانب الأمريكي، مضيفاً أن الوقت قد حان لكي يدرك القادة اليابانيون بأنهم لا يستطيعون توقع أن يكونوا الطرف المتلقي للمساعدات دون قيامهم بأي مجهود لأمريكا.