تستهل الأسواق المالية جلسة اليوم في موجة تفاؤل أحدثها صُناع القرار الأوروبيين أمس سواء في قرارات الفائدة من البنوك المركزية، أو من اتفاق الأحزاب اليونانية على خطة التقشف التي تضمن حصول دولتهم على قرض الانقاذ الثاني مما سيجنبهم إشهار الافلاس في أقرب فرصة استحقاق ديونهم، و اليوم، قد تشهد الأسواق بعض التذبذبات و لكن الميل الصاعد سيستمر نظراً للايجابية التي شهدناها في الأسواق.
كان أمس يوم حافل لعب فيه صُناع القرار الأوروبيين دور كبير و مهم داعمين بذلك الشعور العام الذي كان قد تم السيطرة عليه من حالة عدم اليقين في الأيام الماضية، حيث قرر البنك المركزي البريطاني إبقاء سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك، إلا أنه قام برفع برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه على مر الثلاثة أشهر القادمة ليصبح البرنامج عند 325 مليار جنيه دعماً للاقتصاد الذي وقع في ركود اقتصادي طفيف و يتوقع أن يقع في ركود اقتصادي عميق خلال النصف الأول من العام الجاري وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.
كان لجرأة البنك المركزي البريطاني أثراً قوياً على الأسواق، فإن قرار رفع بنامج شراء الأصول كان خطو جريئة في الوقت الراهن نظراً لمستويات التضخم المرتفعة، إلا أن البنك كان واضحاً و صريحاً في قراره الذي استهدف دعم مسيرة النمو الهشة أو الغير موجود أصلاً خاصة بعد أن انكمش الاقتصاد خلال الربع الرابع من عام 2011.
بعد خطوة البنك المركزي هذه التي دعمت الأسواق و حسنت من شهية المستثمرين على المخاطرة و تطمينهم بأن البنك المركزي لا يقبل الأداء الرديئ الذي يقوم به اقتصاده و أنه يهدف في المرحلة الراهنة دعم هذا الاقتصاد الهش و تسريع وتيرة النمو، انتقلت الأنظار بعدها لنظيره البنك المركزي الأوروبي الذي أبقى سعر الفائدة ثابتاً عند المستويات السابقة.
و لكن، الأمر الذي كان له تأثير أقوى على الأسواق المالية و الذي حسّن من مستويات الثقة في القارة الأوروبية هو محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي الذي أكد اتفاق الأحزاب اليونانية أمس على الخطة التقشفية التي تُخولهم على الحصول على قرض النقاذ الثاني الذي يُجنب الدولة الوقوع في خطر الافلاس و عدم القادرة على سداد الديون.
يتوقع دراغي بأن يبقى معدل التضخم فوق 2% خلال الأشهر القليلة الماضية، و الأوضاع الاقتصادية الراهنة في منطقة اليورو تؤكد الاشارات المؤقتة للاستقرار المالي في منطقة اليورو، و هذا ما دفع البنك المركزي لابقاء سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 1.0% للمرة الثانية خلال العام 2012، و أن التوقعات المستقلية للتضخم في منطقة اليورو لا تزال متوازنة على نطاق واسع ، خاصة مع بدء تراجع مستويات التضخم في المنطقة دون 3.0% خلال الأشهر القليلة الماضية ، و تسجيل مستويات 2.7% خلال كانون الثاني.
يستمر التفاؤل في الأسواق المالية اليوم و لكن بعض التذبذبات ستشهدها الأسواق نظراً لنهاية الأسبوع الذي يُفضل فيها المستثمرين تجنب أي خسائر متوقعة أو غير متوقعة وسط صدور قرارات مفاجئة من صُناع القرار الاوروبيين وسط تفاقم أزمة الديون و محاولاتهم باتخاذ الاجراءات التي قد تقيهم من تفاقم الأزمة و سقوط العملة الموحدة.
و بشكل عام، يبقى المستثمرين اليوم حذرين و متيقظين من اي تعليقات أو تلميحات يقوم بها القادة اليوم في نهاية الأسبوع في حين أننا بانتظار بيانات أسعار المنتجين من الاقتصاد البريطاني و التي من المتوقع أن تأتي متضاربة، كما يبقى تركيز المستثمرين أيضاً في هذه الأوقات من السنة على نتائج الشركات المالية للفترة السابقة و التي تقوم بالافصاح عنها، لما لها من أهمية بأنها تعكس الأداء الحقيقي لأهم عناصر الاقتصاد و هي الشركات.