الرياض، 28 سبتمبر/أيلول (إفي): تشهد السعودية غدا انتخابات محلية يتنافس فيها خمسة آلاف و323 مرشحا على ألف و623 مقعدا في 258 مجلسا بلديا، فيما تعتبر ثاني انتخابات تجرى في البلاد.
وستبدأ عملية الاقتراع صباح الخميس، على أن تعلن النتائج يوم السبت، ويشكل الفائزون جملة نصف الأعضاء في كل مجلس، بينما تعين الحكومة النصف الثاني.
وكانت أول انتخابات بلدية قد أجريت في السعودية عام 2005 ، وكان مقررا اجراء الانتخابات الحالية عام 2009 لكن تم تأجيلها لأجل غير مسمى.
وقالت لجنة الانتخابات إن عدد الناخبين يفوق 1.2 مليون ناخب يشكلون 35% ممن يحق لهم الانتخاب، لكن يشكك مواطنون في هذه الأرقام.
ويرى نايف المعلا (28 عاما) في حديثه لـ(إفي) أن الأرقام فيها "مبالغة"، بل يتوقع أن يكون الإقبال على الاقتراع محدودا جدا، فالمواطنون "لم يعودوا يثقون في قدرة المجالس البلدية على فعل أي شيء".
ويؤكد هذه الحقيقة أحد المرشحين من مدينة ينبع، غربي البلاد، وهو أحمد الرفاعي، حيث يقول إن "عدد المسجلين لم يتجاوز ثمانية آلاف ناخب في ينبع التي يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة".
ويشير الرفاعي إلى تقصير الدولة في توعية المواطنين وتحفيزهم على المشاركة في الانتخابات "فهنا في ينبع لا يوجد أي مؤشر على وجود انتخابات، إذ تخلو الشوارع من الملصقات الدعائية".
يذكر أن العملية الانتخابية واجهت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لمقاطعتها بسبب ما أسموه "انعدام الثقة في فعاليتها وجدواها".
ويعود تزعزع هذه الثقة إلى ضعف صلاحيات هؤلاء الأعضاء كما يقول محمد الخالدي (32 عاما)، وهو أحد المقاطعين "فهذه المجالس ليست مستقلة عن الجهة التنفيذية، ولا تقوم بدور رقابي، ولا تملك إلا أن ترفع توصيات واستشارات غير ملزمة للجهة التنفيذية".
ويعتقد آخرون أن مقاطعة الانتخابات سببها أن "الناس لديها انطباع أن أغلب المرشحين يتنافسون على الشهرة والوجاهة الاجتماعية والامتيازات المالية فقط".
وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات قد استبعدت بعض المرشحين لأسباب لم تفصح عنها.
ومن هؤلاء المحرومين الكاتب والناشط السياسي فؤاد الفرحان، الذي لا يعرف أسباب استبعاده، لكنه كتب على صفحته على شبكة تويتر للتواصل الاجتماعي أنه تلقى رسالة تطلب منه الانسحاب، ولم يستجب لها، فاكتشف حين صدرت أسماء المرشحين أن اسمه ليس من بينها.
من جانبه صرح لـ(إفي) عبد الله المنصور، عضو اللجنة التنفيذية للانتخابات، أن هناك شروطا ينبغي استيفاؤها من المرشح، وقد لا يعرفها كثيرون، ومن ذلك أن يكون قد مضى على خروج المرشح من السجن 5 سنوات، وأن يكون مضى على حصوله على الجنسية السعودية أكثر من 10 سنوات.
يذكر أن الفرحان ناشط معروف بمحاربته الفساد، وسبق للسلطات أن اعتقلته لعدة أشهر في العام 2008 بسبب آراء سياسية.
وفي دفاعه عن صلاحيات الأعضاء المنتخبين، يشير المنصور إلى أن دورهم أكبر مما يوحي بعض المراقبين "فهم يضطلعون بمجموعة من المهام مثل إقرار الميزانية السنوية، وتحديد أولويات المشاريع كالطرق والإنارة والترصيف، ومراجعة الحساب الختامي لكل بلدية، كما أنهم يقدمون توصيات واقتراحات لتغيير الأنظمة واللوائح والاشتراطات، ولهم سلطة مراقبة تنفيذ المشروعات".
لكن المرشح عبدالرحمن الحسيني يبدو متفائلا بالمستقبل رغم إيمانه بمحدودية الصلاحيات التي سيتمتع بها.
وقال "لا تنس أنها تجربة وليدة، وأنا مؤمن بقدرتنا على تطويرها، وقد تأتي الدورات المقبلة أكثر إرضاء للمواطنين، وقد ترشحت لأني لا أميل إلى الآراء اليائسة والمتشائمة التي تحبط كل شيء".
غير أن الحسيني، وهو مذيع تلفزيوني شهير، أبدى تحفظه على بعض الإجراءات التي أعاقت حملته الانتخابية "فاللجنة حظرت علينا الخروج في لقاءات تلفزيونية للترويج لبرامجنا الانتخابية، ومنعتنا من الدعاية في المرافق العامة والمنشآت الحكومية ودور العلم والجمعيات الخيرية والأندية الرياضية والثقافية والهيئات العامة وجمعيات النفع العام".
من جانبه يبرر جديع القحطاني، المتحدث الرسمي باسم الانتخابات البلدية، هذه القيود، في حديثه لـ(إفي) قائلا "كنا حريصين على ألا تستغل هذه الأماكن في التأثير على اتجاهات الناخبين".
يذكر أن المرأة السعودية كانت محرومة من المشاركة في الانتخاب والترشح لهذه الدورة، لكن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أمر، في كلمة ألقاها بمجلس الشورى قبل أيام، بإشراكها ناخبة ومرشحة بدءا من الدورة المقبلة بعد أربع سنوات.
وتبقى الأنظار معلقة غدا على صناديق الاقتراع لاختبار إقبال السعوديين على هذه التجربة الانتخابية الوليدة، بينما يصر بعض المراقبين على اعتبارها تمرينا انتخابيا عديم القيمة على أرض الواقع. (إفي)