(بيلين ديلجادو).
القاهرة، 30 يونيو/حزيران (إفي): يكمل الرئيس المصري محمد مرسي اليوم الأحد عاما على توليه منصبه وسط حالة من السخط السياسي والاجتماعي يضع البلاد على فوهة البركان، حيث تحتشد المعارضة للمطالبة باستقالته وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
تعهد مرسي عقب فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية على منافسه، أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بالعمل لصالح الشعب أكمله خلال إدلائه بالقسم.
لكن وأمام من ينتقدونه بأنه واصل الإذعان لأوامر الإخوان المسلمين، الجماعة التي كان ينتمي إليها قبل وصوله للحكم، فقد دافع الرئيس مرسي عن شرعيته وعن قواعد اللعبة الديمقراطية.
وأصدر مرسي عقب تنصيبه رئيسا للبلاد في نفس هذا اليوم من عام 2012 قرارا مثيرا للجدل بإعادة عقد جلسات مجلس الشعب، الذي كان يسيطر عليه الإسلاميون وحله القضاء. ولم تنتظر المحكمة الدستورية كثيرا لإلغاء قراره، ليبدأ السجال على نزاع قضائي مستقبلي بين الطرفين.
كما أمر مرسي في بداية حكمه بالإفراج عن السجناء السياسيين منذ بدء ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011، وشكّل حكومة جديدة من الإسلاميين والحلفاء، ووضع هشام قنديل على رئاستها، حيث كان قبلها يتولى وزارة الري.
بعدها وقع هجوم مسلح مأساوي في أوائل أغسطس/آب الماضي، استهدف حاجز أمني بمنطقة الماسورة بمدخل مدينة رفح المصرية شمالي سيناء أسفر عن مقتل 16 شخصا وإصابة سبعة اخرين، أعطى الفرصة لمرسي لإصدار قراراته بالإطاحة بالسلطة العسكرية التي كانت تتولى مقاليد السلطة منذ الاطاحة بالنظام السابق.
وأصدر مرسي عدة قرارات بإحالة وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري السابق، المشير حسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الأركان الفريق سامي عنان، إلى التقاعد، وذلك للسيطرة على مقاليد الحكم.
على جانب آخر كانت الجارة السعودية هي المقصد الذي استهل به مرسي زياراته الخارجية، تبعتها الصين وإيران، قبل أن ينجح في التوصل إلى هدنة بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل عقب الهجوم على قطاع غزة في نوفمبر/تشرين ثان.
لم تمر أيام معدودة على النجاح الدبلوماسي، حتى فاجأ مرسي المصريين بإصدار إعلان دستوري حصن فيه قراراته أمام القضاء والجمعية الدستورية لكتابة الدستور وعزل النائب العام وقام بتعيين آخر.
وأثارت هذه القرارات احتجاجات واسعة، وإضراب للقضاة، وأعمال عنف نتج عنها العديد من القتلى والجرحى، ووصل الأمر بالبعض للتأكيد على أنه سيصبح "فرعونا" جديدا.
وكان لزاما على مرسي الإسراع في صياغة الدستور الجديد على أيدي أغلبية من الإسلاميين وعقد استفتاء لإقراره في ديسمبر/كانون أول، ليوافق عليه الشعب برغم رفض العاصمة القاهرة له.
وعكس ما توقعه الرئيس المصري، فإن الدستور الجديد لم ينه المرحلة الانتقالية الديمقراطية المليئة بالاضطرابات، والغائبة عنها سلطة تشريعية كاملة.
وشهدت البلاد موجة جديدة من الاحتجاجات ضد مرسي خلال الذكرى السنوية الثانية لثورة 25 يناير/كانون ثان، والذي اقترح على خلفيتها حوارا وطنيا لم يقتنع الكثيرون به. من جانبها أصرت المعارضة على ضرورة إجراء إصلاحات في بعض مواد الدستور، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإقالة رئيس الوزراء.
لكن مرسي أصر على دعم حضور الإسلاميين عبر تغييرات وزارية وأخرى خاصة بالمحافظين ومؤسسات الدولة، الأمر الذي أثار غضب المعارضة من جديد، التي اتهمته بالعمل لصالح الإخوان المسلمين وحلفاءهم لاحتكار السلطة.
كما أثرت حالة عدم الاستقرار السياسي على الاقتصاد، وأدت أزمة السياحة والاستثمار الأجنبي في نقص الاحتياطي النقدي الأجنبي، ما تسبب في هبوط قيمة الجنيه المصري وارتفاع الأسعار.
ولا تزال الحكومة المصرية تتفاوض حتى اليوم على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة أربعة مليارات و800 مليون دولار لاستعادة الثقة المفقودة في الاقتصاد المصري.
وشهدت فترة لحكم مرسي أيضا حالة من القلق إزاء تراجع الحريات وحقوق الإنسان، وذلك عقب صدور أحكام مثيرة للجدل بحق صحفيين ومدرسين ومنظمات غير حكومية.
كما لقي العديد من الأشخاص مصرعهم في أعمال عنف طائفية بين مسلمين وأقباط، وكذلك بين الأقلية من الشيعة والمتشددين الإسلاميين.
وبعد ضجر الكثيرون من سياسات مرسي، دشن نشطاء حملة (تمرد) ويقولون أنهم جمعوا أكثر من 22 مليون استماره للمطالبة بإقالته، ودعوا المصريين للتظاهر اليوم لإجباره على التنحي.
الآن يتبقى الانتظار لمعرفة إذا ما كان مرسي سيتزحزح عن موقفه ويمد يده للنظر في طلبات المعارضة، أم سيواصل الاحتماء بدعم أنصاره المطلق من خلال صناديق الانتخاب. (إفي)