يواصل قطاع المنازل الأمريكي إظهار المزيد من بوادر التحسن التدريجي وسط التقدم في الأوضاع الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الأمريكي، والذي من المتوقع أن يكمل مسيرته نحو التعافي التام مع هذا العام إلى حين الوصول إلى مرحلة النمو على المدى البعيد خلال العام المقبل.
حيث أشار تقرير المنازل المبدوء إنشائها أن عدد المنازل المباعة ارتفع خلال كانون الثاني ليصل إلى 591 ألف وحدة سكنية مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 575 ألف وحدة وبأعلى من التوقعات التي استقرت عند 580 ألف وحدة سكنية، إلا أن المؤشر فشل في الوصول إلى التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 4.1% ليرتفع المؤشر بنسبة 2.9% فقط، مقارنة بالنسبة السابقة التي بلغت -0.7%.
في حين أن تقرير تصريحات البناء والذي يعطي نظرة مستقبلية لمستويات الطلب على المنازل الأمريكية، فقد ارتفعت التصريحات لتصل إلى 621 ألف وحدة سكنية خلال كانون الثاني مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 653 ألف وحدة سكنية ولكن بأعلى من التوقعات بشيء بسيط والتي بلغت 620 ألف وحدة سكنية، إلا أن المؤشر فشل في الوصول إلى التوقعات لينخفض المؤشر بنسبة 4.9%، مقارنة بالنسبة السابقة التي بلغت ارتفاع بنسبة 10.9%، واضعين بالاعتبار أن تصريحات البناء قد تكون تأثرت من اقتراب انتهاء صلاحية برنامج الإعفاء الضريبي والذي من المتوقع أن ينتهي بحلول الربع الأول من هذا العام.
وبالرغم من ذلك إلا أن القطاع بدا وأنه خلّف المرحلة الأسوأ من الركود منذ الكساد العظيم، والذي شهد تحسنا في الأوضاع خلال الفترة الأخيرة خاصة النصف الثاني من العام 2009، إضافة إلى جهود الحكومة الأمريكية في تعزيز مستويات الإنفاق في القطاع، وبذلك نقول أن قطاع المنازل الأمريكي يحاول جاهدا اللحاق بكل من قطاع الصناعة الأمريكي والخدمات للتعافي من الازمة.
في حين أن ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري سيبقى الضاغط الأكبر على الأنشطة الاقتصادية في قطاع المنازل، ناهيك عن معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني وضعف مستويات الطلب في مختلف قطاعات الاقتصاد، وبالتالي هذا سيشكل عائقا أمام الاقتصاد ككل وأمام قطاع المنازل بشكل خاص، مما قد يحد من تقدمه أو خروجه من أسوأ أزمة ركود منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن يجب أن لا ننسى بأن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ 26 عام، إلا أن الحكومة الأمريكية لم تنقطع عن مد يد العون للاقتصاد، ولذلك شهدنا تراجع معدل البطالة خلال كانون الثاني إلى 9.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 10.0%، كما أن التوقعات تشير إلى أن أصحاب الشركات سيتجهوا نحو توظيف أعداد جديدة بدلا من الاستغناء عنهم خلال الفترة المقبلة، مع العلم أن الاقتصاد الأمريكي فقد ما مقداره 5.4 مليون وظيفة خلال مرحلة الركود التي مرت على الولايات المتحدة، إلا أن الأوضاع آخذة بالتحسن التدريجي إلى حين الوصول إلى مرحلة النمو.
كما صدر عن الاقتصاد الأمريكي سابقا اليوم مؤشر طلبات القروض العقارية والذي انخفض خلال الأسبوع المنصرم نظرا للأوضاع الصعبة في الائتمان ليصل المؤشر إلى -2.1% مقارنة بالانخفاض السابق الذي بلغ -1.2%، إلا أن التوقعات تشير إلى ان الاقتصاد الأمريكي سيكمل مسيرة التعافي خلال هذا العام بقيادة كل من قطاع المنازل والصناعة والخدمات، هذا إلى جانب توقعات تراجع معدلات البطالة بحلول منتصف هذا العام وذلك نظرا لتحسن الأوضاع نوعا ما وانتشار الأمل بين المستثمرين والمستهلكين وأصحاب الشركات.
إضافة إلى ذلك صدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر أسعار الواردات الأمريكية مظهرة تحسن تدريجي خلال كانو الثاني حيث ارتفع ليصل إلى 1.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 0.2% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 1.0%، بينما ارتفعت أسعار الواردات على الصعيد السنوي لتصل إلى 11.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 8.6% وبأفضل أيضا من التوقعات التي بلغت 10.8%.
مشيرين إلى أن قطاع الصناعة الأمريكي أظهر تحسنا ملحوظا خلال الفترة الماضية، حيث تمكن القطاع من التوسع خلال شهر آب للعام 2009 للمرة الأولى منذ الأزمة، ليكمل مسيرته نحو التعافي وبشكل أقوى من باقي القطاعات، حيث من المتوقع أن يكون القطاع الأول في التعافي من أسوأ أزمة منذ سبعة عقود.
وعلى صعيد آخر أكد مؤشر الإنتاج الصناعي فكرة توسع قطاع الصناعة الأمريكي حيث ارتفع المؤشر خلال كانون الثاني إلى 0.9% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.6% والتي تم تعديلها إلى 0.7% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.7% أيضا، إضافة إلى معدل استغلال الطاقة الذي ارتفع أيضا خلال الشهر نفسه إلى 72.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 71.9% وبتطابق مع التوقعات.
إضافة إلى ذلك فإن تحسن قطاع الصناعة الأمريكي قد يتسبب في ارتفاع مستويات الطلب وبالتالي ارتفاع مستويات الإنتاج مما قد يدعم النمو في الاقتصاد الأمريكي، حيث أن ارتفاع مستويات الطلب يؤدي إلى ارتفاع مستويات الإنفاق لدى المستهلك وبالتالي تحقيق نمو، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلك يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
كما أن التوقعات تشير إلى ان مستويات الإنفاق قد تتحسن مع هذا العام، مع العلم ان الاقتصاد الأمريكي تمكن من التوسع خلال الربع الرابع من العام 2009 بنسبة 5.7% والذي من المتوقع أن يتم تعديله نظرا لمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني والذي يحد من ثروة المستهلكين وبالتالي ستضعف نمو الاقتصاد الأمريكي.