وصلنا إلى بحر الأسبوع عزيزي القارئ، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع العمالة الأمريكي احتل تركيز المستثمرين لجلسة اليوم، حيث أن البداية كانت مع تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص ليشير التقرير بأن القطاع تمكن من إضافة 201 ألف وظيفة خلال آذار/ مارس ولكن بأدنى من التوقعات التي بلغت 208 ألف وظيفة مضافة.
وبالنظر إلى تفاصيل التقرير نرى بأن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص في الولايات المتحدة الامريكية اضاف 201 آلف وظيفة خلال آذار، مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 217 ألف وظيفة مضافة و التي تم تعديلها إلى 208 ألف وظيفة مضافة و بأدنى من التوقعات التي بلغت 208 ألف وظيفة مضافة.
والإشارة إلى المؤشرات الفرعية داخل التقرير نجد بأن الشركات الصناعية التابعة للقطاع الخاص تمكنت من إضافة ما يصل إلى 37 ألف وظيفة خلال آذار مقابل 20 ألف وظيفة مضافة، في حين تمكنت شركات مزودي البضائع من إضافة 37 ألف وظيفة ايضا خلال آذار مقابل 21 ألف وظيفة مضافة، بينما تمكنت شركات تزويد الخدمات من إضافة 164 ألف وظيفة خلال الشهر نفسه مقابل 187 ألف وظيفة مضافة.
وكما أسلفنا سابقا فإن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص تكمن أهميته كونه يصدر قبل يومين من تقرير العمالة، والذي من المتوقع أن يشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة 195 ألف وظيفة خلال آذار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 192 ألف وظيفة مضافة خلال شباط، حيث مع صدور تقرير اليوم ثبت نسبيا بأن قطاع العمالة الأمريكي يحاول جاهدا للخروج من أعقاب الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن الجدير بالذكر أن المحللين توصلوا إلى اعتقاد يتمثل في أنه يتحتم على الاقتصاد الأمريكي إضافة ما يصل إلى 140 ألف وظيفة بالمعدل الشهري، وذلك حتى يتسنى لمعدلات البطالة أن تهبط بشكل ملحوظ، واضعين بعين الاعتبار أن معدل البطالة واصل هبوطه بالفعل وصولا إلى شهر شباط/ فبراير ليستقر عند 8.9%.
ولكن بالمقابل يجب أن لا ننسى بأن معدلات البطالة لا تزال عالية، مما يجعلها المعضلة الكبرى التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، حيث أن هذه المعضلة تحد من مستويات الدخل وبالتالي تنعكس على مستويات الإنفاق لدى المستهلكين، الأمر الذي يؤثر سلبا على نمو الاقتصاد الأمريكي، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، ولذلك فإن نمو الاقتصاد الأمريكي لا يزال معتدلا.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات التي تصدر عن قطاع العمالة الأمريكي مؤخرا إلا أن الأوضاع لا تزال ضعيفة نوعا ما، واضعين بعين الاعتبار أن مرحلة التعافي لا تزال قائمة وأن الأوضاع آخذه بالتحسن ولكن بشكل نسبي وتدريجي، ويجب الإشارة أيضا بأن برنانكي أشار مسبقا إلى أن ارتفاع أسعار النفط الخام قد يسهم في خلل الأسعار بشكل عام، وأنها قد تشكّل تضخم مؤقت، ناهيك عن أنها قد تهدد نمو الاقتصاد الأمريكي، واضعين بعين الاعتبار أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعا في أسعار النفط الخام.
حيث ارتفعت أسعار النفط الخام على خلفية ضعف الاستقرار السياسي في الدول العربية التي تشهد تظاهرات مطالبة بتنحي زعمائها، لتبقى ليبيا حديث العالم وسط التظاهرات التي تطالب بتنحي الرئيس الليبي معمر القذافي، هذا مع العلم أن ليبيا تحتكم على 41.5 مليار برميل كإحتياطي نفط، الأمر الذي يجعلها تتصدر الدول الإفريقية في هذا المجال، وفي خضم الأزمة السياسية عزيزي القارئ فقد تعطلت إمدادات النفط الخام، الأمر الذي أسفر عن ارتفاع أسعار النفط الخام إلى فوق مستويات 105 دولار للبرميل خلال الأسبوع الماضي.
كما أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يحاول جاهدا إظهار بوادر التحسن التدريجي، مشيرين إلى أن التوقعات تفيد بأن مرحلة النمو ستكون أكثر وضوحا خلال هذا العام، الأمر الذي قد يقود الاقتصاد الأمريكي إلى مرحلة تعافي أكثر سرعة مما كانت عليه، وبالتالي حينها سيتمكن الاقتصاد من السير على خطى ثابتة إلى حين وصوله إلى مرحلة النمو على المدى البعيد، بينما من الممكن أن يكون النصف الثاني من العام 2011 فترة يتمكن الاقتصاد خلالها من إحداث تغيير ملحوظ في أداءه.
وبالحديث بإيجاز عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي فقد صدر عنه اليوم تقرير أسعار المنتجات الصناعة التي شهدت ارتفاعا خلال شهر شباط/ فبراير بنسبة 0.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 0.4% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.3%، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مواد الخام خلال الشهر نفسه بنسبة 1.8% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.4% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.5%.
واضعين بعين الاعتبار أن التأثيرات التي تقع على عاتق الاقتصاد الأمريكي تبقى أيضا تأثيرات على نظيره الكندي، وذلك في ظل الالتحام الاقتصادي الذي يجمع ما بين البلدين، لذا فإن المسألة ذاتها تنطبق على الاقتصاد الكندي، إذ سيحتاج هو الآخر إلى مزيد من الوقت ليصل إلى مرحلة التعافي التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية...