من أنجوس مكدوال وسليمان الخالدي
بيروت/عمان (رويترز) - كثفت الحكومة السورية جهودها يوم الخميس لاستعادة السيطرة على آخر جيوب المعارضة المسلحة المحاصرة إذ استعد معارضون مسلحون للانسحاب من أحد هذه الجيوب فيما قالت صحيفة إن دمشق أمهلت آخرين 48 ساعة لمغادرة جيب آخر.
وحقق الرئيس بشار الأسد نصرا كبيرا هذا الشهر باستعادة الغوطة الشرقية التي كانت أكبر معقل للمعارضة قرب دمشق الأمر الذي جعل الجيش السوري في موقف هو الأقوى له منذ الشهور الأولى من الحرب الأهلية السورية.
وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضربات جوية مكثفة يوم السبت على ثلاثة أهداف سورية ردا على ما يشتبه بأنه هجوم بالأسلحة الكيماوية خلال حملة الجيش السوري على الغوطة.
لكن التدخل الغربي المحدود لم يكن له فيما يبدو تأثير على الأرض إذ واصل الجيش السوري هجماته. لكنه أظهر أن بعض القوى الغربية مستعدة للتدخل خارج نطاق سلطة مجلس الأمن الدولي.
وخرج آخر مسلحي المعارضة من الغوطة الشرقية بعد ساعات من الضربات الغربية. ومنذ ذلك الحين ركزت الحكومة السورية على استعادة أربعة جيوب محاصرة يقطنها عدد أقل من السكان.
ولا يزال الكثير من شمال غرب سوريا تحت سيطرة مسلحين تدعمهم تركيا أو جماعات متشددة لكن مناطق عدم التصعيد التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا على طول الحدود الجنوبية الغربية للبلاد أعطت بعض الحماية لمسلحي المعارضة المدعومين من الغرب.
وحذرت إسرائيل أيضا من أنها لن تسمح لمقاتلين تدعمهم إيران ويعملون مع الجيش السوري في عدة مناطق بتوسيع نفوذهم في ذلك الشريط الحدودي الاستراتيجي.
ويسيطر أيضا مقاتلون يقودهم الأكراد وتدعمهم الولايات المتحدة على كثير من منطقة شرق نهر الفرات حيث توجد معظم احتياطيات سوريا من النفط والغاز.
وركزت الدبلوماسية هذا الأسبوع على اتهامات باستخدام الغاز السام في دوما آخر المدن التي تحصنت فيها المعارضة بمنطقة الغوطة الشرقية.
وتقول دول غربية إن عشرات الأشخاص قتلوا في هجوم بالغاز السام في السابع من أبريل نيسان وهو ما تنفيه سوريا وحليفتها روسيا. وبعد استسلام المعارضة صارت المنطقة تحت سيطرة الحكومة غير أن فريقا للمفتشين الدوليين لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى دوما.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن مفتشيها أجلوا زيارتهم لدوما بعد تعرض فريق أمني تابع للأمم المتحدة لإطلاق نار في سوريا خلال مهمة استطلاعية يوم الثلاثاء في إطار الإعداد لزيارة المفتشين.
وتقول الدول الغربية إن موسكو ودمشق تمنعان المفتشين من الوصول لموقع الهجوم وربما تدمران الأدلة هناك وهو ما تنفيه روسيا وحكومة الأسد.
وخلال مؤتمر صحفي في العاصمة السعودية الرياض، اتهم نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية الحكومة السورية بالسعي إلى الحل العسكري.
وقال الحريري إن "النظام" يواصل الضغط من أجل الحل العسكري ويواصل الاستراتيجية العسكرية دون أي مفاوضات جادة أو التوصل لتسوية سياسية".
* استسلام
عرض التلفزيون الرسمي لقطات حية لقوات الشرطة والأمن تدخل مدينة الضمير إلى الشمال الشرقي من دمشق بعد ساعات من إرسال حافلات لنقل المقاتلين وعائلاتهم بينما وقف الجنود على جانب الطريق.
وتقول مصادر بالمعارضة إن نحو خمسة آلاف شخص بينهم 1500 مسلح من المتوقع أن يغادروا إلى شمال سوريا بموجب اتفاق تم التوصل إليه بوساطة روسية هذا الأسبوع. وأكدت وسائل الإعلام الرسمية ذلك.
والضمير مشمولة بوقف غير رسمي لإطلاق النار منذ سنوات لكن استعادتها أمر مهم للحكومة لأنها تمكنها من ضمان سلامة المركبات المسافرة على الطريق السريع بين دمشق وبغداد.
وفي حين يمثل الطريق السريع شريانا مهما للتجارة فإن طهران تستخدمه في إرسال الأسلحة لحليفها الأسد. وتعطل الطريق عندما سيطر متشددو تنظيم الدولة الإسلامية جزئيا على الأراضي العراقية لكنه بات مجددا قناة رئيسية للأسلحة بعد إلحاق الهزيمة بالمتشددين العام الماضي.
وقال سعيد سيف المسؤول البارز بإحدى جماعات المعارضة في المنطقة إن جماعته ليس أمامها خيار "إلا أن نخضع لتهديدات الضامن الروسي لأنه ما ضل في أي ضامن عربي أو دولي".
وأضاف "نتمنى من الروس أن يفوا بتعهداتهم مع أنه ما عندنا ثقة في قرارات الضامن الروسي".
وفي جيب القلمون الشرقي القريب المشمول كذلك باتفاقات غير رسمية لوقف إطلاق النار قال معارضون إنهم يتفاوضون كذلك مع روسيا على الانسحاب.
وقال مصدر بالمعارضة مقرب من المفاوضين إن ضباط الجيش الروسي الذين يجرون مفاوضات الإجلاء يضغطون على مسلحي المعارضة في القلمون الشرقي لبدء مفاوضات الانسحاب.
وقال مفاوضون إن المحادثات بدأت أيضا بين روسيا ومسلحي المعارضة بشأن مصير جيب في وسط سوريا حول مدينة الرستن حيث تتركز المحادثات على تيسير حركة التجارة والمسافرين عبر المعابر إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة.
والمحادثات المستمرة منذ شهور في حمص بشمال البلاد، في إطار الجهود الروسية لدفع مسلحي المعارضة للسلام مع الحكومة، لا تشمل في هذه المرحلة إجلاء مسلحي المعارضة من المنطقة.
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة السورية يوم الخميس إنه تم إمهال متشددي تنظيم الدولة الإسلامية 48 ساعة للموافقة على الخروج من جيب يسيطرون عليه حول مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين إلى الجنوب من دمشق.
وأضافت الصحيفة "في حال رفضهم فإن الجيش والقوات الرديفة جاهزة لشن العملية العسكرية وإنهاء وجود التنظيم في المنطقة واستعادة السيطرة عليها".
وفر معظم من كانوا في هذا المخيم الذي كان يعيش به أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لكن آلافا آخرين ما زالوا فيه. وعبر كريستوفر جونيس المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) عن قلق منظمته البالغ على سلامتهم.
وفي إشارة إلى عمليات الإجلاء الأخيرة، قالت الأمم المتحدة إنها تتوقع عمليات نزوح جديدة في شمال سوريا في المستقبل القريب.
وقال قائد في تحالف عسكري إقليمي يدعم الحكومة السورية إن الجيش السوري بدأ قصف الجيب الخاضع لسيطرة المتشددين يوم الثلاثاء استعدادا لهجوم.
وفقد تنظيم الدولة الإسلامية معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها لكنه ما زال يسيطر على مناطق صحراوية صغيرة في شرق سوريا على جانبي الفرات. وقال الجيش العراقي إنه نفذ ضربات جوية يوم الخميس ضد التنظيم المتشدد في سوريا بالتنسيق مع دمشق.
(شارك في التغطية توم بيري وداليا نعمة في بيروت وراية الجلبي في بغداد - إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)